نهض من مكانه وهو يلتقط مفاتيحه لكن تهلل وجهه واختلف لونه وتغير كل شيء بحضورها
" فوزية " أمه مال على يدها ونثر قبلاته بحب كبير
وش لونها الفوز وش حالها : أمه جنوبية يحب بين الوقت والثاني يحاكيها بلهجتها المحببة
لقلبه : بخير بخير يمك والحمدلله على وصولك لي سالم ليه يمك ماجيت توعيني وأشوفك وارتاح
رقت نظراته وتدفق الحب منها نطق : وصلت وسالم لا تشيلين همي
مسك يدها وساندها صحتها جيدة وعمرها متوسط مديرة مدرسة تقاعدت قبل ثلاث سنين بعد خدمة طويلة ومع ذلك يداريها ويهتم لأنه يعيش وهو قريب منها مشاعر مستحيل يعيشها بوقت آخر :وين عروستك ؟ علمها انها بتلبس فستان وبنزفكم مع بعض مثل ماتمنيت طول عمري وماعندك وقت تعترض لأن الدعوة وصلت للعايلة أنت بس جهز عمرك
هز رأسه طلبات أمه أوامر : على خشمي أنا بين يدينك أنتي بس أفرحي أفرحي
ردت بحب : ياجعلني ماذوق ضيمك يمك عساني فدا عينك
نزلت رهاف بعد مارضعت طفلتها أمان ترفض أي حليب ثاني غير حليبها ، نزلت وهي تضمها بخطوات خجولة لأن العيون على خطواتها ، بكامل زينتها ببهاء متفرد ، فستان أنيق وساتر وشعرها لفت أطرافه ونثرته بأريحية على خصرها، منظرها مريح للنظر جلست بجنب مانع والصغيرة لم تتعافى بعد بكت ومانع عقد حاجبه بتملل ، هتفت لطيفة بعد مافزت بسرعة ناحيتهم وهي تحس بتوتر الجو :هاتي أمان نشوفها من قريب
ناولتها الصغيرة وانشغلت بخصلة تلفها على أصابعها
فوزية بإعجاب نطقت : لا إله إلا الله وجه وملح وزين أزين عروس شفناها
رفعت عينها لتشاهد نظرة حانية ربتت على قلبها من بعيد ، مانع إنتهت مهمته الجو لايروق له أبد خرج من البيت لم يفوت خوفها يشبه خوف ليلة السفر نفضها عن باله وتوجه لأصحابه ..
.
.
سلافة ..
مسحت عرق التعب بعد ما مترت بيتهم الجديد وهي تنظفه ، كيف كان عايش بين أكوام من القذارة عايش ومستمتع ! لأنه من دخل البيت تمدد على الكنب ونام بسلاسة ،هي ماتحملت حتى تتنفس لأنها فتحت النوافذ وشرعت الستائر ونفضتها وغسلت الأرض يبدو أن نوم الطريق أعطاها طاقة لأنها أشعلت بخور وصارت تتنقل في البيت الصغير بالمبخرة ، وهو تعكر نومه من دخان البخور همست بتهكم وهي تشوفه يجعد وجهه : ينفخ سم ومستمتع وهو يتسمم ، ومن الطيب ينزعج ويتقرفجلست مقابله على الكنب وأريحيته السابقة إمتصت القليل من توترها لأنها صارت عفوية وظهرت له من وضعها المريح هتف وهو يمسح نعاسه بتعب : كان وعيتيني أجيب عشا
حركت رأسها بحياء لاحظه لأنه أمعن النظر في ملامحها وهي تحرك خجلها العفيف اللي ظهر له سابقاً : أكلنا في السيارة يكفيني مادري عنك
فز بسرعة وضرب جيبه يتفقد محفظته وجواله :لا والله اني جايع بطلع أجيب عيشة وأنتي تفقدي البيت ورتبي أغراضش
خرج وهي لازالت متسمرة ، عفوي كثير وحركاته بسيطة وتفاعلاته كأنه متزوجها من فترة وأخذ عليها مسحت شعرها وهي متوترة ركوده موترها كثير تخطى الليلة اللي إنسرقت فيها فرحة صديقه وتخطى الحجر الكبير والضربتين ، تخطى كل شيء وصار عفوي فوق اللازم ، قررت تشغل نفسها بهوايتها المحبوبة ، كانت تلتهم الكتب والشيء اللي يشغلها عن فوضوية حياتها مكتبتها ، كانت تخبي نفسها بين الكتب وتعيش منها حياة ، مرت نصف ساعة وهي على الأرض وهي محتارة لأن هنا المساحة ضيقة على حياتها الواسعة بين كتبها ..ماكان بوسعها غير تقوم وتقيس مساحة جديدة تقدر تجمع فيها أهم الكتب والباقي تتركها في حقائبها ،لكن لمعت عينها بخبث وهي تشاهد ركنه الغريب مزدحم بأشرطة أغاني قديمة وأدوات موسيقية قررت تزاحمها وتشغل بكتبها الحيز الأكبر من ركنه المحبوب ، لم تعي بحضوره ضرب بيده على الرف الخشبي وقال وهو مميل جسمه :يدينش خذت على السرقة أشوف !
حبست شهقة التوتر ، أنقذها الكتاب اللي بين كفوفها لأنها ضمته وأشغلت كفوفها بأوراقه عن النظرات والكلمات اللي سكبها أديب بتهكم أشعلها لكن كسر كل الأشياء اللي خمنتها وترقبت حدوثها بعد ماقال : كنت أقول بيني وبين نفسي وش من دواليب بتشيل فساتين عروستنا أثر العفش كله ورق
همست وهي تضم الكتاب : خلاص باخذ المهم بس الباقي بيرجع في الشنط
بعدم إهتمام تحرك للصالة فرش السفرة على الأرض ورتب العشاء وهي لم يروق لها هذا الوضع أبد أبد
نزلت الكتاب اللي بيدها وجلست على الأرض مقابله وهو بدوره أطال النظر وعينه تركها تمسح كل شيء ، فستانها الناعم وفوضوية خصلاتها قلادتها والفص الأخضر اللي يلمع ويتوسطها ،عظمة عنقها البارزة والشامتين اللي بجانب السلسلة ، سمارها الملفت الباهي والمسافة الطويلة اللي إستحوذ عليها خصرها والمسافة القصيرة جداً للمحيط اللي لامسه قماش فستانها اللين ،
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...