عتيق ومحاولاته كلها فشلت مشى بسيارته لأبعد مكان لكن عاد خالي اليدين وقلبه خاوي
نزل من السيارة وجواله انتهى شحنه بحث عن شاحن لكن نسي حقيبته وكل أجهزته رمى جواله بقهر وجلس على الأرض
عادت به الذاكرة لما قبل التسع سنوات لسنواته العجاف مع هتاف بعد ماحزم حقائبه وودع أمه وخرج من الباب الكبير رحلته الدراسية بعد أربع ساعات ودع عائلته ومكتبته وكتبه وعلى أعتاب قرية ساري وقف بسيارته بعد ما ارتفع صوت جواله وصله صوت أبوه المثقل بإستجداء مرير : غالب يابوك سود وجيهنا وترك بنت العرب بكرة ملكته لكن ترك القرية والديرة كلها
عتيق بعدم تصديق : وين هج وين دياره ؟
نادر بضيق الدنيا : امريكا
قفل جواله ورجع من الطريق اللي خرج منه رجع وكان بنيته يقنع أهله لكن استقبله ضيف الله واستفزع فيه : طالبك يابوك البنت مالها ذنب
عتيق وهو تحت تأثير الصدمة مانطق بحرف : تزوجها وروح الله يستر عليك بتقعد ببيتنا لين تعودعودة للحاضر مسح وجهه بقهر بعد ماقطع سيل الذكريات بإرادته وغالب الأناني أفسد حياته وتركه يواجه كل شيء تخلى عنه بمفرده ابتلع قهره وابتلع قسوة ابوه وجده على حساب نفسه ودراسته ومستقبله تخلى عن حلمه وارتبط بهتاف وهي ابنة ١٧ عام ومن بعد زواجه منها انقطعت اخبار غالب عنهم وغضب أهله منه لم يخمد بعد !
•بمكانه البعيد اللي اختاره بإرادته أرض خلاء وغنم وفي الجهه الثانية مصدر رزقه وتجارته ( منحله ) بيوت النحل الخشبية الممتدة بطريقة هندسية تسر العين ومقابله بالضبط غرفة خاصة بالعسل اللي يجنيه بكل متعة رفيق دربه دخل العشة ونام وتركه يصدح بصوته الطروب طرق جنوبي جبلي بلحن متفرد ابتهج له قلبه وبكل مرة يسمع صوته يعاوده الشعور ويبتهج شعور الرضا عن نفسه ومكانه لايضاهيه شعور نهض يتفقد أغنامه بعد مارفع ثوبه الثقيل فتح الشبك وصار يصدر اصوات يجذب فيها انتباه حلاله لكن حصل شي شتت انتباهه هو !
جسد أنثى مرمي على الأرض خرج وهو مذهول وقوته اللي كان معتد بها لوهلة تلاشت قرب وهو يسمي بداخله كانت متغطية و اقدامها متجرحة من الركض الطويل ترتدي عباية خفيفة والجو بارد جداًسعيد ياسعيد نادى صديقه لكن سعيد نومه ثقيل ولا يمكن يسمع صوته نزل على الأرض وهنا كانت الصدمة !
هربت تسع سنين وتظاهرت بالسفر وتمر سنين ورى سنين وش اللي جابش لأرضي ياجميلة؟اعتلاه الضيق وقف مثل المتفرج لأنه عاهد نفسه مايلمسها تذكر الليلة اللي انقتل فيها من الوريد للوريد
هتاف : كيف اقنع الكل كيف مهد لهم غالب مثل اخوي أكلنا من صحن واحد وشالني على كتفه وحماني من قهر الدنيا وجورها غالب أخو ماهو حبيب مثل مايظنون
غالب : وعتيق عاش معش وأكل من نفس الصحن
هتاف : عتيق مختلفهتاف عاشت سنين طويلة ويوم كبرت كبرت تحت عينه وتحت حبه كان يراقب سنوات عمرها بشغف ينتظر اللحظة وبمجرد ماشعر انها فرصته قتلت هتاف وبترت كل الفرص بصوتها ونبرتها بعد ماسمع همسها بدون قصد وهي تكلم بنت جارهم وصديقتها المقربة الآن ..
جرته رجله للعشة نادى سعيد وسعيد فز ليشارك غالب الدهشة : هذي وش جابها هنا ؟
غالب : علمي علمك ياخوك تكفى ابعدها عن عيني وانا احسب اني سليت اثر الغياب كان رحمة وشوفتها وجع تكفى ياسعيد
سعيد بجزع وهو يشاهد صديقه الصلب يتهاوى : ابشر بي ابشر بي والله ان تمسي اليوم وهي بين اهلها وانت سرك بالبير باقي مير اصبر اعتبرها لمحة حلم وبتغيب الحين
شلها ياخوي ابعدها
غالب : أول اصبر اشوف اخاف صار لها شي الطريق لهنا ماهو سهل ياخوك
قرب سعيد وانحنى وفحص نبضها : ماعليها شر
اخذ غطاء من العشه ولفها فيه حملها لسيارته وترك غالب يصارع أوجاع السنين اللي ظن انه نساها عادت هتاف وبعثرتها من جديد !
.
.
أذن المغرب ونقطة اللقاء كانت مسجد القرية الكل نفض يده وترك البحث قايد جابر ساري أديب وقبلهم الجد ضيف الله وولده نادر ورجال القرية صغيرهم وكبيرهم : ماقدرنا نوصل لعتيق جواله مقفل
قايد بصوت جهوري نطقها ليرد ساري : باقي شيء واحد ماسويناه
نبلغ ؟
ضيف الله الجد نطق ليكمل : انا اقول نتمهل الين اذان الفجر ان ماصار شيء بلغنا
سعيد بوانيته القديم وصل للقرية وهتاف لم تفتح عينها بعد تفرقت جماعة المسجد وبقي قايد مع الشباب جالسين على الدكة القريبة منه ينتظرون عودة عتيق ..
.
.
......: كم مرة حذرتش ماتجين وماتسمعين اعجبش اللي صار ضحك قلبش؟......: مثل ماضاعت مني الأولى صرت اعرف كيف الثانية تضيع وايه قلبي ضحك لأن قلبش ضحك قبل والا نسيتي ؟
......: خلاص اطلعي يكفيش عذاب واحدة تبغين الهلاك لبناتش ؟
.......: ابغى انتي ينكشف سرش وتهلكين الله يمهلش صدقيني قربت النهاية !
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...