لم تمهله يرد حملت الأكياس ومضت بطريقها وهو راقب دخولها القرية مع أذان المغرب !
هي متأكدة انه محل ثقة والسيارة لقايد وهو ولد خاله والواضح مضطر ومرهق وهي رحمته بعد ماشاهدت علامات التعب على وجهه قدمت معروفها الصامت وأكملت طريقها وهو لازال واقف بصدمته كيف تتنقل من مكان لمكان بجرأة وبدون خوف كيف سلمها قايد المفتاح ووثق فيها بسهولة ؟ كيف بغيابه الطويل تبدلت أشياء كثير بقريته هو لم يرضيه وجودها بمفردها والشمس قربت تغيب ولازالت مبعده عن القرية لكن اضطر يقبل معروفها لأن التعب تمكن منه بالفعل !
جلس مكانها لف على الكرسي اللي بجنبه ليشاهد غنيمتها الرقيقة حلويات وكيك ! فتح كيس شوكلاته وصار ياكله برواق ضحك لينطق : والله المايعة اجودية كشر بتقرف بعد ما استطعم نكهة البرتقال مع الشوكلت لينطق بتذمر : حتى الشكاليط تغير طعمها وش اللي ماتغير يابن ضيف الله ؟
وصل لأرضه ولحلاله وخويه بالعشة ينتظره غفى من بعد صلاة العشا
فز على صوت السيارة وخرج : ابطيت حتى جوالك ماترد عليه
غالب وهو ينزل من السيارة : أخلص من مغثه استلم لي مغثة جديدة وكلها من شخص واحد
ضحك سعيد استوعب اختلاف السيارة : ياولد من وين جبت ذي ؟
غالب وهو ينزل اكياس الحلوى : غنايم بنت امسك امسك ضبط لنا الدلة بنغير المود شوية ونتطور
سعيد سبقه عند النار : وش صار البنت ذي وش تطلع لا تكون نفسها اخت الغريب ؟
غالب وهو يعبث بالسيارة حمل كيس غريب ليرد وهو لازال مستغرب : وهو في غيرها ؟
قرأ الوصفة مرتين وقال : قم قم ياولد مالنا في الراحة نصيب
سعيد بدهشة : وش قومك (وش فيك ) خلنا نتقهوى ونعين خير ..
ليرد : ياولد طلع مع البنت سكري والإبر نستها بالسيارة اخاف يجيها شيء والمستوصف اللي هنا معطوب ومتهالك قم قم
سأل سعيد : من البنت وش جاك
غالب وهو يقرأ اسمها : البتول حامد حتى عمرها بالوصفة لمحه ٢٥ سنة رمى الكيس بالخلف وهو يجاوب سعيد : وهو في غيرها اخت الغريب
ورجع من النفس الطريق نسى تعبه وارهاقه وقارورة الماء وبقايا الحلوى مدته بطاقة مؤقته قطع بها طريق العودة خايف يجيها شي من أسبابه رجع بمفرده بعد ما استوعب انه لايمكن يترك المكان بدون لا يأمن شخص عليه وهالشخص كان سعيد ...
.
.
وصل غالب للقرية الساعة ١١ والقرية هادية جداً خصوصاً انها بدون إنارة والأغلب يقفل انوار بيته قبل النوم وقبل دخوله وقف السيارة عند مخرج القرية وأكمل على رجوله طرق الباب الخشبي طرقات خفيفة جداً لكن يبدو ان الكل نايم قرر يعلق الكيس بالباب لكن قبل يتحرك سمع خشخشة عنده وهمس ناعم : مين؟
بتهكم رد : حرامي !
فتحت الباب نصف فتحة لتنطق وهي تجاري همسه المتهكم : كويس عارف نفسك هي تقصد انه أكل حلوياتها والكيك وهو فهم ابتسم نصف ابتسامة وقال : الله يخلف عليش في الكيك جايب شيء ثاني نسيتيه
مد الكيس وهي رمشت بعدم تصديق قطع كل هذه المسافة ولأجلها وبسرعة وبدون مقدمات دمعت عيونها لتنطق بصوت فيه العبرة : ليه ؟
غالب : وش اللي ليه خذي وخلصيني
البتول من خلف الباب : ليه تعبت نفسك انت تعبان شفتك العصر وجهك هلكان مو حرام ؟
وصلته نبرتها الباكية ليندهش ! زاد غثيانه من دلعها المبالغ فيه وميوعتها هز الكيس وهو على وشك يفقد اعصابه : امسكي بلا دراما زايده خلصيني قدامي خط طويل
التقطت الكيس من يده لتلامس طرف اصبعه لكن هي منشغل بالها عنده لم تشعر اما هو تنرفز أكثر من هذا الوضع وهذا الحال بعيد كل البعد عن اطباعه لم يكلم انثى بحياته غير والدته وهتاف وبنات عائلته لم يبتعد عن هذا المحيط لكن اخت الغريب كسرت كل قواعده
البتول : لحظة لاتروح
شد يده وبانت عروقها من كثر كبته لغضبه بعد ماسمعها تقول : خاله راوية غالب عند الباب لازم تقنعيه يبقى هنا مكانه بعيد
راوية : وش تقولين غالب ؟ وخري وخري
فتحت الباب بقوة ليظهر بهندامه الحالي وبشكله الجديد وبرجولته الصاخبة لتهمس له وهي تحت شعور الفرحة والصدمة بنفس الوقت : قرب قرب يمك والله ان قلبي قد قالها انك قريب وما ابعدت
مدت يدينها وهو تقدم بإنصياع لنظرتها الحنونة ولنبرتها لصوت الفرح اللي زاحم المشهد ودفعه يقترب بدون لايتردد ضم رأسها واحتواه بقبله عميقه وهي ضمت اكتافه وقبلت ذراعه بحكم طوله الشاسع دنق وهو يحتويها أكثر بصوته : طالبش لا تبكين
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...