رمقته وهو يغادر المكان تمنت لو يبقى وينقذها من هذا الملتصق قالت بهدوء : مع السلامة .
.وصلت لبيت تمارا ، شافت سيارته المركونة وتعجبت ! يبدو أن موضوعه مهم ودها تتجاهله وتمضي بطريقها وتترك عزيمة تمارا اللي كانت بمناسبة وصول هتاف لكن نزلت وهو قطع طريقها بسرعة داهمها وهو يقول : ماشفتي نظراته ؟ ليه مصرة تكملين معه وهو يستغل كل الفرص اللي تقربه !
رمشت بصدمة ، غاضب لأن حدة عيونه كانت مخيفة جسمه اللي حجب عنها الطريق كان عملاق عملاق كان مصوب حدة كلامه وحدة حركات يديه ناحيتها وكأنها متهم بجرم : من أنت تتكلم عن مين بالضبط عنه والا عنك؟
هذي المرة الثانية اللي تحرجه فيها وتقلب الطاولة عليه ، خبيثة خبيثة لكن راق له الوضع يحب هذا النوع من المبارزه : أنا داري أن مالي حق ولا لي كلمة بس بس
كان وده يقول لاتزينين عيونك ، ولا تزيين له القرب وتحلينه بعيونه ، لا تسرفين بأنوثتك ولا لا لا لكن ماعنده حق بأي حق ينطق لا ؟
إرتخى حاجبه المرفوع وخفت حدة نظراته
هتف : مادري وش جاني صدقيني مو عارف ليه أنا هنا
صارت تحرك ساعتها وتعبث بخواتمها هي مثله تتقاسم معه نفس الشعور ، رفعت عينها بحدة وهي تسمع صوته المتردد : فساتين أمي لايسبقني أحد عليها ! ( كان مرتب حروف إعتذار ) لكن غروره حضر في آخر لحظة ترك كل شيء وغادر !
تحرك لسيارته وهي ضحكت بسخرية ، كانت تظن أنه قطع كل هذي المشاوير عشان يظفر بلقا أو يمكن يعترف أنه غيور وأنه محب وأنه نزع رداء الغرور وقرر ينطق عن مايخفيه بقلبه ، لكن تعشمت كثير غضبت من نفسها ومن تسرعها بالحكم يبدو أنها هي اللي تحبه فقط وتخفي كلام كثير وتنتظر فرصة لقا ، أما هو كان يعبث خلف فساتين أمه وذكرياتها لا أكثر !
.
.
وتم الزواج أسرع من الحلم وكأنه خيال ، أديب يتوسط المجلس ينتظر عروسه وهو مصر على موقفه ناحيتها لأنه ببساطة قدر يجمع المبلغ المسروق وصار بحساب صديقه من أيام لكن مصر يعرف أشياء كثير وهذه المغامرة مهمة بالنسبة لهفي الجهه الأخرى
سلافة كانت تتخيل زفافها ويومها الكبير كيف بيكون وإنتهت كل أحلامها عند باب مسجد ، والحضور والشاهدين شهدو على بيعها ، ماكانت تتخيل يكون هذا اليوم بهذه القسوة ، لكن صار هي خططت لكن آخر توقعاتها ينتهي بها الطريق عند باب مسجد وترميها جدتها عند أقدام آخر شخص تتمنى تواجهه بحياتها كلها !ثلاث حقائب نزلت وخرجت من الباب للسيارة وهي واقفة عند درج البيت تودعهم
فاتن ، رحاب ، رباب
كلهم سبقو فجر وحاوطوها بوداع صامت جامد كل واحدة رمت نفسها وثبتتها بحضن سلافة وكل واحدة فيهن تزاحم الأخرىهذا التمسك كان بالنسبة لها مؤذي ، بينها وبين الإنهيار شعره خايفة تنقطع والثلاث بحضنها هذا الصمت مؤذي أكثر من منظر الدموع وصوت البكاء هتفت بمرح فاشل : هذا العرس اللي كلنا تخيلناه وصار ، لا نقلبه مأساه ... نفرح ولو ماللفرحة صوت ..
تحررت من هذا العناق ودها تحافظ على صمودها لأن أديب خلفها بالضبط حاضر للمقاومة نطقت : فاتن رابح جاي وعدني مايخليكم وعدني أنه بيرجع ويقلب لنا الحياة كلها ، الحياة الوردية اللي نحسها خيال يقول بنشوفها ونعيشها، فاتن نصيتك من بين كل البنات ، طلبتك قاومي قاومي ولو قلبك تعب ولو طالت الظلمة في آخر النفق نور نور يضوي حياتنا كلنا فاتن تسمعيني فتنة ناظري عيوني طلبتك عشان رابح وقلبه ..
فاتن ضمت وجهها بكفوفها واستدارت وهي تقاوم نفس سلافة ، وداع سلافة كان القشة المؤذية الخانقة للكل مو بس لها ..
ناظرت رحاب وهنا تجمع الدمع وبالكاد مسكت نفسها إبتسمت ولمعت عينها : صدقيني يارحاب الضحكة اللي فقدناها واللي شحت وزارت كل الأبواب إلا بابك بيجيها يوم يوم تشرع باب قلبك وتدخله بدون لاتطق ولا تستأذن ، إشتقنا يارحاب إشتقنا لضحكة لو كانت مزيفة ، إشتقنا لها من فمك ، رحاب ردها كان الصمت مثل كل مرة ، كانت تضم نفسها وهي تشعر بالخواء من بُعد سلافة ،سبق غيابها وسبق الضحكة وزاحم مكانها، سلافة كانت سلواهم في الأيام المرة ..
سلافة : رباب دايم تقولين البنات يسبقوني على حضنك
مدت يديها وهي تضحك : تعالي رباب ماحد سابقك ولاحد بيزاحمك
ركضت لها ودست نفسها بحضنها لكن بنفس الصمت المؤذي
سلافة قبل تتحرك قالت : تعبت وتخدر فكي ودي أشيل أصواتكم معي ، ودي أقفل الباب على صوت يسليني لرحلتي الجاية ، حنو علي تكفون ..
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...