🌾 268 ..
وأخيراً نطق : أنا بعرف وش القلب اللي تشيلينه ؟
سؤال يتيم كان أثقل من صمته الثائر كان أثقل من صده وغيابه ، كيف يسألها عن قلبها كيف يجهله وهي تعرف أصغر تفاصيله ؟
لاحظ إنكماش وجهها ، تراقبه بسكون وبصمت مهزوم أكمل وهو يتجاهل تأنيب قلبه اللئيم :معجبك حالنا ؟ لا بسأل سؤال أسهل ليه يوم تتراكم وتزيد العتمة بجدران غرفتنا تقفلين بابها وتروحين ترقصين !
السؤال الثاني أصعب من الأول ، ردت بعفوية لأنها تعبت من كل شيء : رايحة لحفلة حسناء وبعدين ماقلت أنك جاي وإذا على سؤالك من اللي قفل الباب ؟ أنت ياقايد يوم تتراكم تنسحب وتهرب تسلي نفسك بالقرب يوم تحس أنك خذيت اللي تبيه تروح ونهاية الدوامة كلها يثقلني الخطا وتثقلني الملامة ..ميّل جسمه لكن بالفعل جوابها مقنع : على العموم ماتوقع بعد اليوم لا يثقلك خطا ولا تثقلك ملامة
ناظرته وهي تسترق من تعابير الغموض جواب يناقض الشيء اللي تتوقعه ، لكن الجواب كان واضح وقت قال : رحلتي بكرة !
قاطعته بنبرة خافتة مثقلة برجاء مغمور ، ودها تقول شيء ويقول هو العكس ، لكن كل شيء واضح وضوح الشمس قالت : خلاص هذا كل شيء عندك ؟
هز رأسه لكن انتفض قلبه بعد ما طفرت دمعة من عينها المثقلة بزينة أرهقت فؤاده الدمعة تبعتها قطرات الرجاء ولسانها معقود ، يخونها بمثل هذي المواقف دايم ، قلبها يقول أشياء ولسانها يتمنع وتظهر بغرور متكامل يستفز الطرف الآخر وتخسر هي بالنهاية ، لأول مرة لسانها تنفك عقدته
قالت : وأن قلت قايد لا تروح
بكبرياء صريح : بقول تأخرتي !
مسحت دمعتها، أصدرت أساورها رنين أنثوي جمّل رقصات كفوفها : قايد أنا قلت لك مرة ومرتين دايم أبين لك أن باب قلبي مشرع لك لكن
قاطعها : وأنا ؟ كم مرة أحفيت القدم بدروبك لا مرة ولا مرتين جيتك راغب جيتك بكامل هواي وانتي انتي تفرضين البعد ..
قاطعته ودمع عينها فاض من جديد : يمنعني الخجل ولا غير الخجل يفرض علي أبقى واقفة بنفس الدرب اللي أحفيت القدم قدامه، أنا مثلك راغبة بس لساني ينعقد وتضيع الحروف مني ، دايم يخونني التعبير ويصير كل شيء ضدي
رمقته بعتاب صريح اهتز من أجله : أنت ماعرفتني ياقايد طول عمرك تشوفني البنت المدللة اللي كل شيء بالنسبة لها رهين لطقة الإصبع
صمتت وأنفاسها تعلو وتهبط والدمع غرّق تفاصيلها صدت بجسدها وقالت : فمان الله ياقايد أنت اخترت البعد من كيفك ، لاتفكر تفتح هالباب مثل كل مرة لان الرجعة ماهي على كيفك !
انقبض قلبه ، كور قبضته والأمور بدت تفلت من يدينه ، وبالفعل كل ماقالته حقيقة لكن هي تتقاسم معه نفس الخطية ، الإثم طالهم هم الأثنين قرر يخرج ويجمع شتاته وترك لها البيت ونيته يرجع ونيته يكسر كلامها ويفرض رجعته ويفرض الحب من جديد وتكتمل قصتهم الناقصة ..
.
.
الليلة المنتظرة لجابر وأخيراً ، واقف بثوبه الثقيل وساري مقابله يحمل مبخرة وبتلاعب يغني أغاني كانت ترددها أمهم بالأيام السعيدة ، نورة حاضرة هنا بمبخرتها وبكلماتها العاطفية اللي يترنم فيها ساري الآن ، أديب واقف وشايل بشته وغالب في الجهه الأخرى أصر يحضر مناسبة جابر السعيدة ، جود واقفة بفستانها الأبيض تقفز قفزات طفولية محببة دخل ماجد وعلى ثغره ابتسامة : عمي يقولون النسوان اصبر شوية لا تستعجل على رزقك
تعالت الضحكات والسبب تكشيرة وجهه : بشوف حلالي اللي مبعدينه مني
قاطعه ساري : خلاص يابويه خذ اختك عمك بنحاول نشغله لين ينتهون النسوان
غالب يضحك بإرهاق قال : بروح بيت عمتي مالي مقعاد هنا صدع راسي من الطنة والرنة
خرج بيت عمته وهو متقصد لأنه سمع بوجودها هناك قررت تشارك حسناء ليلتها وترجع مكة بعد يوم عزم يقتنص له فرصة ويسرق له شوفة ترويه فتح باب عمته ودخل البيت عقد حاجبيه بقلق البتول متمددة ويديها تضم بطنها الضخم مغمضة عينيها جلس قريب منها وقال: البتول
فتحت عينها بذبول مسح خدها وقال : العرب قدهم هناك مجتمعين
بكل مرة تقابله فيها تقابله بنفس الوجه السمح حتى وهي تحمل عتابها داخلها تظهر بأجمل صورة همست : ليه ماقلت لي أنك طلعت
تجاهل سؤالها ونطق : عسى ماتعبتي وماحد حولش ؟
حملها وهو يعرف السبب ، الدرج ماتقدر تتحرك وتتخطاه بسبب ثقلها وتعبها ، لوت يديها على
عنقه : غالب فكني أنت تعبان يالله تشيل نفسك
وصلها لغرفتهم وقال : حطيني على يمناش لو بالحمرة بحط لش حمرة والله ماتفوتش الفرحة وأنا بن ضيف الله
رمقته بحب كبير وصارت تأشر للأشياء اللي تحتاجها وقف خلفها وخطف قلبها وهو يلاعب خصلاتها بيدينه ، وهي إعتلتها دهشة عميقة حاولت تشغل نفسها بمكياجها لكن وجود انعكاسه على المرآه أشغل كل حواسها ، مستحيل يفوت مثل هذه النظرات كانت مثقلة باسئلة واستفهامات ليه مصر ينفيها ؟
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...