40

220 7 0
                                    

ضحكت من أعماقها والضحكة صارت حقيقة ليضحك صارت تدغدغ ظهره بيديها وهو يضحك : البتول لا خليني ابكي احسن من اصابعك الطويلة هذي
ضحكت وهي تتأمله وهو يتأملها بإمتنان عميق وضعت ضماد مؤقت لوجعه اللي بعثرته أرض ساري نجحت وهي تصنع لحظة خاصة ليضحك بعد فترة طويلة من الوجع ..
جلست على السفرة وهي تقرب له الفطور بضحكات مستمرة
وشخص آخر حضر المشهد بالكامل
غالب الغريب اللي تقصده البتول قرأت غربته من عيونه شاركته حزن المنفى اقتنصت الأرض البراح والعشة وحوش الغنم وبيت العسل من نظرة ومن لقاء !
لم يروق له شيء من اللي شافه و اللحظة هذه بالنسبة له مثقلة بميوعة يمقتها هو عاش بجبل وتصحرت مشاعره وهذا الحضن كان بالنسبة له يثير الغثيان لكن كلماتها على النقيض ! لها وقع خاص هو غض النظر عن تجلي ملامحها وعن شعرها المكشوف منعته من التمادي بالنظر لكن بالرغم من ذلك عاش معهم اللحظة بحذافيرها !
البتول ببهجة : صحة وعافية على قلب حبيبي يارب
تأملها بود صافي كانت تسكب الشاي ومندمجة مع أوراق النعناع اللي وزعتها بالتساوي على كوبه وكوبها
لاحظت ان المطر رجع يشتد وسهم بدأ يتوتر لأنه بينجبر يوصلها للبيت وهذا البيت يزيد من وجعه واختناقه لذا نهضت وهي ترتب طرحتها وازارير عبايتها ربطت النقاب لكن قال بمرح يغطي به توتره لحظه لحظة قبل تغطين وجهك ابتسمي للصورة صارت تجعد وجهها ببلاهه وهو يضحك حضن كتفها وصار يجعد وجهه بنفس حركاتها ليتقط صورة أخرى معها قبلت خده مرة ومرتين لتنطق : باخذ باقي الفطور والشاهي يالله سلام ولاتخاف المكان قريب واختك تموت في المطر يعني عادي
حملت الفطور وصارت تمشي والمطر يزيد وغالب لم يتحرك من مكانه لكن استفزه برود سهم كيف ترك اخته تمشي بهذي الأجواء وبيتهم بعيد نوعاً ما
شغل الوانيت وصار خلفها بالضبط شعرت ان هذي السيارة تلاحقها : خير اخويه مشبه ؟
بسرعة تعرفت عليه لتنطق بحدة والمطر في تزايد : انت كيف قدرت تنام بعد مارميت كلمة بوجه شخص ثاني ماتعرفه ! لا انت قلت مستحيل تجتمع الصدف واجتمعنا بصدفة ثانية !
غالب ببرود من سيارته اللي وقفها : انا اقول امشي قبل يزيد المطر وماتقدرين توصلين للبيت
البتول : مالك شغل بالبيت وبأهلي اشتغل بقلبك وبكلامك اللي بدون لا تحس قدر يفتح جرح شخص حفر الدنيا وتجرحت يديه بس عشان يستر جرحه ويخبيه عن الناس وانت بكلمة كشفته
غالب : ليه عشان قلت غريب ؟ مغزى الكلمة كان ثاني وبعيد لكن طاحت على الجرح
انصدمت منه ! يوم قال غريب كان يقصد انه غريب عنه لأنه ببساطة لم يتعرف عليه يعرف سهم بالإسم لكن لم يقصد بالكلمة شي آخر
طريقة نطقها للحروف غريبة ولذيذة بنفس الوقت مزيج بين لكنة الجحاز والجنوب تمتلك رنة ناعمة تشد القلب قبل الإذن لكن بسمع غالب وبطبع غالب يعتبرها ميوعة !
البتول لم تتحرك من الصدمة : يابنت الحلال الدنيا صارت ظلمة وانتي مبعده عن القرية
البتول : لاتخاف اعرف طريقي صح بس لو تشيل هذي معاك عشان اقدر اركض !
رفع حاجبه تلعب معه !
لكن بالفعل ناولته الفطور : بالعافية عليك
ركضت واختفت من أمامه ببساطة !
مجنونة نطقها وهو مستنكر جرأتها وتماديها وكيف خرجت بمفردها لمكان بعيد
زاد غضبه من أخوها المجهول بالنسبة له لكن وصلته رائحة مغرية نسته الغضب وكل شي
فطائر تشهي العين التقط حبة ودسها بفمه ابتلعها دفعة واحدة وقال وهو يتلذذ : اخيراً جتنا عيشة تنسينا خبزة سعيد المحروقة !


قبيل المغرب بدقائق وعلى أعتاب قرية ساري توقفت حسناء وطفل قلبها ماجد كانت طول الطريق تستودع الله قلبه تستودع الله فهمه وإستيعابه، أكثر أمنية يحملها قلبها الآن يصدقها ويوقف بصفها يمسك بيدها ويقف بها أمام السر العظيم ويحارب معها

بعد ما سأل مجموعة من الأولاد بملعب القرية ركض واحد منهم وتقدمهم ليدلهم على البيت كان أكبر بيت بالقرية وبالرغم من تصميمه القديم كان يثير البهجة وأنواره الخارجية صارت مشتعلة لتستقبل الليل وأشجار الحوش تحاوط بناء السور بطريقة تسر العين اقتربت من الباب الكبير وهي تتأمل الورود المتسلقة حواف الباب وأجزاء من السور طرقت الباب ليستقبلها وجه سمح وملامح دافئة ونظرة أم يجتمع فيها حنان الكون دفاها وصل قلب حسناء لتشعر بسكينة : بيت ضيف الله ؟

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن