98

196 7 0
                                    

زفرات زفرات حارة نفثها ونفث معها الحرقة الملتهبة داخل صدره حاول يقصيها واجتهد في الأيام الماضية لكن تخونه محاولاته بكل موقف يجمعه بماضيه الملتهب ، رجّع رأسها المايل لصدره وهتف بهمس فيه من اللوعة الكثير : لا تبعدين ابقي هنا
شعر بدفا طفيف غزى لوعته ، أيديها النحيلة توسطت العراك زمت خصره الصلب بكفوفها الناعمة تدرك انه يقاوم وهي ملاذه ، لن تبخل والدفا الطفيف صار إحتواء وتبدلت المقاومة لركود داخلي ، هدأت الثورة ولمستها محت الألم و ضمّدت النصف من جراح المعركة وهذا يكفيه، مد يدينه الصلبه وتوسعت الغمرة وصار عنقها بين كفيه رفع رأسها وهو مبتسم وشعور إنتصار طفيف غزى لحظتهم الآن وهي تمسحه بنظراتها المستغربة كيف منحته كل هذه المشاعر وهي تجهل كامل مكانتها وتجهل هوية مشاعره ناحيتها وهو صدره يحمل تساؤل آخر بعز جراحه كيف وجهها صار وجهته الآمنة بعد صراعاته ؟

عتيق .
: هتاف هتاف طالبش ذا المرة بس ترفقي بقلبي قبل روحش طالبش
عتيق وهو يجاهد القهر والدموع مجاهد ، وهتاف بوضع مزري فاقدة الوعي تعبر الغرفة ذهاب وإياب بلا دموع ، عيونها جفّت وصوت صدرها طاغي ،صرخات مباغتة تنخر قلب عتيق المتجمدة حيلته .. حضن جسدها واحتواه وسط خوفه وسط قهره شد ضمته وهمس بإذنها هو متأكد ان صوته لن يصل وحتى نبضاته المتسارعة اللي طفحت للسطح الحزين وداهمت لحظتهم البائسة لن تصل ، لكنه همس وهو مصر يتجرد من كبرياء تسع سنوات تصرّمت حتى لو لم تعي بهذا البوح نطق نطق :يقولون في نزعة غبية داخل بعض الأشخاص يوم يروح منهم شيء كانو يشوفونه باهت وماله قيمة يوم يقفي عنهم ويصد تكبر لمعته ، أجهرتي قلبي قبل عيوني يوم أقفيتي ، شفت الحسن اللي غفت عيني عنه واللمسة الحنونة واللهفة الكبيرة اللي كنت اشوفها بدون طعم ولون صرت ملهوف على شي شي بسيط منها ،،
بعد مابح الصوت والدمعة جف بريقها بعد ما اختفت معالم السعد من لونها والنظرة صارت باهتة بلا شعور اعترف وأخرج مكنونه ، يوم غاب وعيها وتركت أهل الأرض تركتهم روح وشعور ليبقى جسدها فقط ،، حتى لمساته والحرارة الفائضة من صدره المتقرح لم تصلها انهزمت محاولاته كان ينطق هباء وكان حضنه عبث وصوته المبحوح وهمساته لم تتعدى حنجرته ،، هتاف المتلهفة لكلمة صادقة وللمسة تشفي محاولاتها كلها تحققت وهي بعالم آخر بمكان بعيد حتى اسمها اللي بخل على مسامعها وعلى روحها اللي تلهفت تسمعه منه سنوات وسنوات لم ينطقه إلا بحالاتها هذه ،، لسان الحب يصير معقود بحضورها هي ويوم تغيب تتساقط حروف الجوى وتهطل بلا توقف لكن هباء هباء .
خرج من الغرفة بعد مافشل يوصل لها ويوصل لها جزء صادق من شعوره استقبلته تمارا مواسيته بالنظر هي لاتملك طاقة وهي أيضاً تعيش أزمة خوف وصراع داخلي ومع ذلك لم يلاحظ أحد تولت غزل المهمة نطقت بمواساه : يهونها الله روح تسحر لو لقمة قرب الأذان

جهة بيت جابر حسناء وهي على السفرة مقابل جابر نطقت : ليت والله رحت عندهم خالة صفية جهزت سحور يشبع بكرة دوامك طويل
جابر وعينه على السفرة خبز وسلطة وكوب شاي نطق : اتركينا من الأكل ذلحين هي يوم طاحت كيف فجاة ولا شافت شيء سمعت شيء ؟
حسناء والكوب بيدها : ماكنت قريبة منها فجأة سمعت صوتها ، هتاف محتاجة علاج مكثف انا شاكة في شيء والله يستر
مس؟ حسد ؟ نطق بتهكم لتقاطعه : مسحورة !
اعتلى صدره خوف طفيف ليرد بعدم اقتناع تظاهر فيه : لا تتدخلين ولا تفكرين مرة ثانية انشغلي في بيتش وصغارش
رفعت يدها ناحية الجرح وتجعد وجهها نزف الجرح من جديد ، حسناء وهي تمسح طرف الجرح المخبّى تحت ضماد من يدين جابر انحجب عنها نور المكان وتوارى خلف الشخص اللي بسط راحته وهذه المرة الأولى اللي امتدت فيها يده بقصد التضميد لا الإيلام ! لمعة عيونها من قرب وإنعكاس وجهه على بشرتها الصافية ، صارخة في الحسن أُنثاه الجميلة ،، حجب لون الحزن لونها الحقيقي والآن تجلّى له بصفاء ، عينها على رموشه الطويلة وعلى نظرته اللي عجزت وهي تفكك تعابيرها القريبة ، لكن الدهشة فوق كل شيء مذهول منبهر متلخبط ويده امتدت لمكان ثاني غير الجرح ! وأصابعه الطويلة صار يلاعب فيها جفنها الراقص بدون وعي منه مرر أصابعه على كل مكان بوجهها ونسي مقصده اما هي غاب عنها الشعور وغاب عنها الإدراك ونسيت انها مجروحة وان هذا الشخص طبيب، وهذا الإقتراب ماكان إلا شرارة عبور بدون مخرج لكن فجأة ! رمشت بحياء أرغمها على الإرتداد للخلف وتحريك رأسها تريد إيقاظه ، هو كان منغمس في لذة التأمل لكن إعجاب ، قلبه لم يدق لم يتغير الشعور ، كان يتأمل كونه رجل تملّك أنثى جميلة ، كان يتلذذ وهو يتفنن في عقوباتها وفي وسم كفه على ملامحها واليوم يتلذذ بالنظر من قرب لحسنها المكشوف واللي غيّبه غضبه ،

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن