121

197 5 0
                                    

غادرت الشمس ، رحل لونها عن الجدران ، غابت وحسناء لم تحضر ، ماجد وقف ساعات طويلة وهو يراقب رحيلها وعشم جده اللي زرعه بصدره لا زال لم يغادر مع الشمس ، عند الباب العملاق واقف بنفس البجامة و جود معه بكل خطوة تتبعه ربطة أمها الحرير ملتفة على أصابعها الصغيرة تلاحق ماجد وماجد فاض صبره ، تمارا اللي كانت تخفف عنه غايبة ، غزل اللي كانت تهرب من عاطفتها وترضخ في نهاية المطاف وتحضنه حتى هي غابت كلهم تركوه لهذا الهم ..
أظلمت الدنيا على المكان وعلى قلبه ، انفتح الباب وفز قلبه يمكن طريقها اللي اختارته طويل وأظلم الليل ، يمكن كانت تسابق الشمس وغابت الشمس وسبقتها ، المهم وصلت.. لكن تهاوى الأمل من صدره واللي دخل شخص ثاني غيرها
حمل جود وهو يشعر بوحشة ويشعر بغربة حتى الوجوه اللي هنا صارت غريبة
ضم جود وهو يمتر المكان بخطواته وهو ينتظر، الغريب ان اليأس ماحام حول قلبه ، عشم جده كبير وبأسباب الثقة اللي شافها بعيونه كبر عشمه لكن ليه عشّمه وغاب ؟ مرت ساعات وهو بنفس المكان
غفت جود وهو مقاومته صارت هشة وأخيراً حن جابر وحضر !
: ماجد ابوي وش اللي مقعدك هنا الجو بارد على أختك
رد بصوته الخاوي : كنا نحتريك حتى هي ماغفت لها عين وهي تنتظر بس النوم خانها وغفت وهي طاوية ( جايعة ) أمي ماهي هنا ! عودنا أغراب
انتفض جابر من دموعه اللي فاضت ومن آخر حروف نطقها لسانه
ماجد : ليه غبت اليوم كله ؟ خفت نثقل بالأسئلة
بالفعل كان يهرب من هذه اللحظة بالذات كان يهرب منها
انثنى جابر ليحمل جود عن هذا المنهار همس له :أنت راعي البيت واللي فيه أغراب، أنت الساس لا تصغر نفسك
ماجد وهو يبكي : بس أنا صغير تمارا تقول ماحد يكبر على أمه ، نكبر على كل شيء إلا على أمهاتنا تقول لاحقها مثل جود
يا الله ماكان ينقصه غير هذه الحرب التعيسة يدرك فداحة فعلته بحق هؤلاء ، رجفة يدينه ورجفة قلبه والكلام اللي ضاع والسبب عتاب ماجد وصوته المقهور وحزنه الثائر ، ماكان بوسعه غير يجاوب بالصمت والصمت كان جواب أهله سبقوه بالصمت لكن ماجد مصر يلقى له جواب : قول قول ياعمي
نطق جابر : أمك بالحرف قبل تغيب قالت قولو لماجد أمكم راحت تدور ضحكتها !
هنا البرود هجم على ملامحه والدمع تلاشى والعبرة ذابت هنا نطق بصوت هادي بعد مانهض وحمل أخته من حضن عمه : الله يسهل دروبها والله يضحك قلبها ويخفف عنا وننسى

انسحب وجابر متصلب بمكانه وهذا الولد ينتقي أثقل المفردات ويزج بها داخل قلبه الملتهب شد كفوفه وهو يقاوم يقاوم ، حاول يغض الطرف عن جدار بيته لكن امتدت عينه عنوه وبسرعة غضها ليخرج ليهرب من هذا البيت واللي صار موحش عليه وعلى ماجد ..
.
.
غزل : الطريق صعب تمارا ماتستحمله
لارد
غزل : عمي تمارا تتوجع من أمس
لارد
غزل : عمي أناديك
رفع يده وهو يعدل نظارته وهو يحاول قدر الإمكان تحمّل إلحاح غزل ، هي تبغاه يتعاطف معها ولو بنظرة وهو صامت من بعد ما أخبرهم عن مكانهم الجديد المكان اللي بتعيش فيه تمارا عقوبة قرارها المشين بحقها وبحق عائلتها
تمارا صامته نزلت الطرحة عن وجهها وهو لمحها من المراية الأمامية : غطي وجهش الشين غطيه قبل أقلع عينش
ناظرته بعناد وهو وقف السيارة بصورة صادمة شدت على بطنها وهي تتوجع بصمت ، عينه على تجاعيد الألم مصوبها وعينه على فمها اللي حاولت قدر الإمكان تعض على صوت الألم ولا تستسلم لقسوته ، هي هكذا بعنادها وبمكابرتها حتى ولو هي من اقترفت السوء تقف بكبرياء تدافع عن نفسها ولو اقترفت آثام بحقها وبحق غيرها ، عنادها كريه ويستفز الأعصاب ويثورها لأن غالب امتدت يده للخلف لمكانها بالضبط ، ضغط على الطرحة وجمعها على عنقها اختنقت أنفاسها وعينها عليه تتأمل محاولاته الفاشلة في تخويفها ببرود تام
بكت غزل وصرخت : بس خلاص نزلنا هنا و روح نقدر نشوف طريق ثاني إذا كنا ثقال وماتحملت بأول المشوار وشلون تستحملنا باقي الأيام
لأول مرة تثور بوجهه وتقطب جبينها ولأول مرة يرتفع صوتها لكن هي تتحمل كل شيء إلا إستضعاف الأنثى وإهانتها هي غاضبة من تمارا وموقفها من فعلتها مستحيل يتغير لكن الأخوة لن يتبدل موقفها وبالفعل غالب سكن غضبه حس انه بالغ لكن تمارا عندها قدره غريبة تفقدك اتزانك من نظرة فقط !
حضن يد غزل الغاضبة ونطق بهدوء : ما أقدمت إلا وأنا عارف الخطوة زين وعارف كل شي يمكن يصلح العوج اللي هدم بيتنا وقبله قلوبنا

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن