ارتفع صوتها وهي تهلي وترحب نثرت التراحيب على مسمعها بنغمة جنوبية : وصلتي خير اقدمي اقدمي
كانت مرتدية ثوب أسود وشال قطن طويل يديها تتزين بالذهب ومبسمها يسر ويشرح الصدر : خشي يمش لا تستحين بغيتي شيء لش مطلب ابشري به !
صفية لم تفوت ارتباكها ولاحقيبتها الثقيلة للتو تستوعب شيء ثاني ماجد المتسمر الصامت اللي ينتظر ينحل اللغز ويعرف سر دموع أمه وانهيارها اليوم ..
أذن المغرب وكبرت صفية مع المؤذن اخرجت رأسها من الباب ونادت نفس الولد اللي دلهم الطريق : روح معه للمسيد ( المسجد ) قريب من هنا وأمك هنا بنشوف علمها وقبلها بنقوم بواجبها
حسناء انحرجت من حفاوتها لتحتضن يد ماجد : لا ولدي مايروح مكان وبعدين عندي علم ابغى اقوله بحضور رجال البيت كبيرهم وصغيرهم !
انصدمت من مطلبها ولكن قالت : ابشري ابشري تعال يمك دام امك ملزمة تبقى خش مجلس الضيوف لين تخلص الصلاة
انتهت صلاة المغرب وعادة بيت ضيف الله يجتمعون على قهوة المغرب لكن اليوم كسرت العادة
تجمعو العيال لكن بدون قهوة !
صفية الأم منشغلة بالضيفة الغريبة
وهتاف في الأعلى نائمة منذ يومين
تمارا منشغلة بغزل لم تتعافى من جراحها بعد
عتيق ، ساري ، جابر ، أديب وقبلهم ضيف الله مجتمعين على الدكة وينتظرون قهوتهم بإستغراب
ماهي من عوايد أمي الدكة فاضية عتيق وهو يتفقد المكان بعينه فز بعد ماشاهد غزل تتهادى وتمارا تسندها : اتركيها
اسندها على الفراش المجهز بالقرب من منقل النار والجو اليوم بارد جداً
كيف الحرارة خفت ؟ نبرة ساري الحنونة وصلت لمسمع تمارا واستفزتها لترد غزل : بخير عمي صرت بخير ..
دخلت صفية بوجه قاتم ومتوتر : وين الصغيرة ياتمارا ؟
تمارا : جدة نامت قبل شوية بسريري ليه صار شيء؟
صفية : المرة اللي في المجلس تقول البنت بنتي !
تمارا براحة : طيب الحمدلله ليه خايفة ؟
صفية بتوجس اقتربت : تقول تبغى تجي هنا وتتكلم عندها سر الظاهر البنت ماهي خالية
خرجت حسناء وهي بالكاد تمشي وعينها بالأرض وماجد خلفها يحس انه دمية وعايش وسط لغز كبير
انفجع جابر ونهض بحدة : ماجد !
رفعت حسناء عينها ناحيته وحصل شيء لم يكن بالحسبان كيف فوتت هذا الشي لعنت شريفة بداخلها آلاف اللعنات جابر جارها صار قريب ليه شريفة زجت بها داخل عائلة تجهل دواخلها وتجهل تفاصيلها هي تعرف شخص واحد انفرض عليها وانفرضت عليه وتصرمت الأيام لتقف أمام عائلته تحمل سر ثقيل كيف تخبرهم انها اختنقت بهذه الغصة لسنوات طويلة ؟ أي مقدمة وأي حروف ممكن تنقذها ابتلعت عبرة ثقيلة وهي تشعر بحرارة الدمع أحترقت عينيها وهذه البداية ماذا لو فجرت السر ماذا سيحدث !
تقدم جابر منها : ام ماجد عسى ماخلاف ؟
دايم يسألها هذا السؤال وتجاوب بأريحية لكن الآن بما ستجيبه ؟
حمحمت والحروف خانتها وتلاشت
حضن ماجد كتفها لترفع عينها وتتأمله برجاء طافح من عينيها قرأ الرجاء وقرأ حروف الإستجداء هز رأسه وهو يستحثها تنطق ..
حسناء : ماجد بن وحيد ولدكم من صلبكم ودمه من دمكم !
تعالت الشهقات والصدمة تربعت على قلوب الكل وصدمة البنات كانت أكبر ..
نطقت بنبرة حاولت تستجدي فيها الصمود : جود بنت وحيد بنتكم من صلبكم ودمها من دمكم ..تمارا اقتربت بجنون دفعتها بهذيان : وش قاعدة تقولين انتي وش هالمسرحية الفاشلة لمي قشك وبزارينك واطلعي من هنا !
أديب مسكها وهو من الصدمة عاجز حتى عن الكلام
حسناء بنفس الصمود : ادري اللي بقوله شيء كبير وبيكلفني الكثير لكن ماعدت احتمل السكوت وحيد بن نادر تزوجته بالسر وجبت منه ماجد وجود
جابر وهو يحاول يمسك نفسه : كيف تزوجتيه
تشعر بالعار من ماضيها اللي سلب ثقتها وحياتها : كنت بالأصل بكون زوجة لنادر بن ضيف الله لكن الولد طق الصدر وقال ابغاها
ضحكت تمارا بجنون : قطعة كيك والا سيارة وش ابغاها وما ابغاها !
اهتزت حسناء من تصغيرها هي من الأصل ماتت كرامتها من مدة : نمت وقمت وانا معروضة على نادر بن ضيف الله
جابر قاطعها : لا تقولين جاية من هذاك البيت ؟
بكت حسناء : ليت والله اقدر اقول لا
تمارا بحدة : أي بيت ؟
هنا ضحك جابر بقهر الدنيا : متربية بهذاك البيت ونعم التربية !
ضيف الله نزل عينه بقهر حضر نادر وقطع اللحظة بحضوره
تمارا والقصة الخيالية اللي روتها قبل يومين صارت حقيقة والبيت المشبوه صار بالفعل مشبوه !
جابر والغضب بدأ يتمكن منه : والردي اللي كان ياخذ ماجد للبيت من؟
هنا تدخل والده : أنا اللي كنت آخذه
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...