لفت سلافة بقوة وهي تشوف أثر أديب خرجت بسرعة المهم تلحق خطواته ، مشت وراه بخطوات خايفة ومتوترة وهو شعر بمراقبتها لكن تجاهل مثله مايتفوت ، غمضت عيونها بقهر ورجعت تتذكر موقف أختها قبل ساعة بالضبط
فجر : ام رابح والله يوم بس يوم والمبلغ بيدك بش اصبري
ام رايح بقسوة : ماعندي صبر ولا أنتي أحسن من البنات بتلبسين وبتطلعين للأوادم بدون صوت والمبلغ اللي خسرتيه بتطلعينه بليلة ليلة وخلاص
شدت يدها بقهر وقرف ، البنات اللي تحت جناح ام رابح رهن لأعمالها القذرة وتجارتهاركضت وعينها تلمع الفرج صار قريب اليوم بتنقذ جسد إحداهن رفعت جوالها القديم وهي تلهث
: فجر فجر تعرفين بيت هزاع حارس المدرسة ؟ اطلعي ولا يشوفك أحد لقيت المبلغ اللي بينقذنا اليوم !
وصلت فجر وهي خايفة ومتوترة على أختها أكثر من خوفها على نفسها : سلافة وش موديك لبيت هزاع تكفين لاتحس ام رابح علينا
سلافة بجمود : الله ياخذها وياخذ طاريها من لحمها ومن دمها حنا كيف هانت عليها الأمومة كيف قدرت تفرط فينا ، ويقولون مافي أعز من الولد إلا ولد الولد وين ولدها ويشوف الذل اللي عشناه من دونه
فجر شدت يدها : ماهو وقت الحكي تكفين خلينا نرجع
سلافة بجنون نفضت يدها : ماني متحركة إلا والمبلغ اللي بينقذنا الليلة بيدي ويدك المبلغ هنا ورى هالجدران
: وش تقولين يامجنونة تبغين نسرق
ضحكت سلافة بضياع : واللي سويناه قبل ؟ سرقنا الحين خايفة خايفة من كم قرش ورى هالجدار ومو خايفة على الثوب اللي يغطينا !
هزتها فجر وهي تنتفض : ماعمره لمس جلدي مخلوق ولا انخلق باقي اللي بيتعدى علي !
سلافة بنفس حدة الصوت بالرغم من نبراتهم الهامسة : ولا أنا ولا أنا ماجابته أمه اللي يتعدى على ثوبي اللي يغطيني بس رحاب وفاتن ورباب ؟ أصوات قلة الحيلة اللي انبحت وحلوقهم الناشفة من كثر البكا كانو صيده لأم رابح ولقمة سهلة لمطامعها ماعدت أطيق أصوات البكا كل ليل وأنا أسمعها من ورى باب غرفتهم اللي انهجرت وهجرها صوت الضحك
فجر بإرهاق وبمرارة قاهرة رفعت يدها وغطت بها فم سلافة : بس دخيلك ماعاد فيني حيل كنت اتعامى وانغمست وسط هالضياع لأنه انفرض واقع علي وعليك
سلافة بجمود : من اليوم انا بوجه المدفع انا اللي بتواجه ضياعكم وقلة الحيلة أدري انه بعد مافات الصوت بس وش اللي بيدي وماسويته ؟
سحبت فجر وهي تشد رأسها : تشوفينه مرتاح من بلاوي الدنيا ، يتعلل ويسامر النجمة بكوب شاهي تشوفينه ذا هو لعبتنا الرابحة الليلة وكل ليل
شهقت فجر : ياويلي ياسلافة تكفين وش يودينا له وجهه مليان شر ، هو البلا بنفسه لا تنكبينا ابعدينا عن دروبه دخيلك
دفعتها سلافة وبسرعة جنونية اقتربت حملت حجر كبير من الأرض وفي اللحظة اللي لف فيها أديب على صوت خطواتها صوبته بإتجاهه ليفقد الوعي صرخت لفجر : ساعديني نسحبه داخل
فجر وهي تتراعد : أخاف يصحى الفلوس أول بعدين نسحبه
صح صح سبقتها سلافة داخل البيت نفضت المكان نفض وأخيراً وصلت لمبتغاها وبصعوبة
حملت كيس الفلوس و دفعت أختها لخارج البيت لتصرخ : فجر اركضي ولا تطالعين وراك
بذعر ردت اختها : خايفة خايفة اخليك هنا وخايفة ابقى وام رابح تثور فيني
قلت اركضي
ناولتها الكيس وهي تتنفس بقوة : حطي الفلوس بيدها وقفلي باب الغرفة عليك الفلوس ناقصة ويمكن تكسر يدينك
فجر بخوف هزت رأسها وسلافة ناظرتها نظرة مزيفة المهم تشعرها بأمان مؤقت : بوقف لك هنا بتأكد انه بخير وعقبها بجيكم لاتخافين دامني أمنت شوي من المبلغ قادرة اسوي شيء اكبر وينقذنا كلنا
ركضت فجر بظلام القرية وهي تلهث وتبكي وبيدها كيس المال المسروق المهم تنجو من عقوبة ام رابح واللي ممكن تكلفها جسدها
أما سلافة بقيت عند رأس أديب تتفقد إصابته سحبته للداخل وهو فاقد الوعي والدم نزف وغطى ثوبه ، حاولت تسعفه وتقوم باللازم لكن خافت يميّز ملامحها تراجعت عن إسعافه : التقطت ورقة بيضا وكتبت له رسالة قصيرة دستها بجيبه العلوي لتخرج بسرعة وبدون أدنى ندم أو خوف المهم قدرت تحمي فجر والبنات من غضب ام رابح وتسلطها وعقابها المؤذي بحق أجسادهن
ركضت للبيت وأديب خلفها غارق بجرحه ..
..
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...