وأول لقاء اطلق النظر ومد عينه لأدق تفاصيلها وكل مقدماته اللي صنعها بينه وبين نفسه أفسدها فستانها الأسود !
هي نظرتها لمكان واحد وكل مقدماتها اللي صنعتها بينها وبين نفسها أفسدها جرحه ولون الدم !
اشارت بيدها ناحية جرحه
وهو لم يفهمها او بالأصح غارق
بحدة لوحت بيدها من جديد
وهو استوعب وأخيراً بعفوية نطق : وأنا أدور مرة عتيق زلقت رجلي ماتخيلت انه بيكون جرح وكبير او ما استوعبت !
تقدمت وهي تتفقد جرحه نطقت بعفوية تشابه عفويته : لازم تتصرف الجرح عميق وضعت يدها على المكان القريب من الجرح وليتها لم تفعل لاحظت اهتزاز يده واختلاف لونه وهو يتظاهر بالجمود وهي بدون قصد بعثرته نطقت من جديد : تصرف ليه واقف ؟
تحرك للكنب ونزع تيشيرته بعد ماتلوث وهي فتحت فمها بصدمة يتعامل بأريحية أمامها ربما الألم سبب لكن لاحظت اريحيته بالفعل من بداية دخوله وصلها صوته المتلاعب : مو المفروض كزوجة تحطين لمساتك !
حكت جبينها وهي تخفي ابتسامة غريبة : أول مرة اشوف ولد يدور نسخة للمسلسلات على الطبيعة
اعتلت فمه ضحكة جانبية : والله تأثير البتول قاعد ادور نسخة منها لا يروح بالك بعيد !
تحركت لجواله اللي رماه على الطاولة جلست بالقرب منه : خذ كلم سهم
تأفف : سهم يسعف من ويهتم بمن خلاص عطيني اي شيء نظيف اغطي الجرح او شوفي لي حل يوقف النزيف
قاطعته : بكلم عمي يجي ياخذك للمستوصف
نهض بتملل : يابنت الحلال بروح برجلي بس جيت عشان مايتكرر موقف أمس مرتين
فجأة التقت عينها بعينه وتأملته لثواني ليه انصدمت من عفويته ليه ظهر بهذه الخفة ليه غضبها اختفى ليه صوتها الحاد غاب ونظرتها العنيدة انكسرت من اريحيته ومن سماحة حضوره الغريب وهالة السلام اللي حاوطتهم هم الأثنين !
مسكت الباب وهي تراقب كتفة العريض وخروجه الهادئ نطقت بنعومة : قايد
استدار بجسمه ناحيتها وقال : لبيه
ارتعشت كفها ورفعتها لشعرها حركة خجل عفوية وهو قدر خجلها انتظرها تسيطر على رجفتها وتستجمع الحروف اللي كانت تريد استخراجها وهي لاحظت وقفته ولاحظت ادق تفاعلاته : صدقني لو رحت الدكتور قبل تجيني كان عذرتك عادي
ببساطة وأريحية : بس أنا ماكنت عذرت نفسي وببقى زعلان منها لأني مو راضي للحين
فهمت انه فوت رؤيتها بفستان الزفاف وفوت مشاركتها بأول ليلة تجمعهم لكن موقف قوي وقاهر فوق رغبته هو وفوق إرادته هو بينما هي تشعر برضا كبير عن موقف أمس وانقاذه لها لكن ليه نبرته جعلتها تندم على ماحصل وعلى رضاها عن ضياع أول لقاء يجمعهم ليه للتو تتندم ؟
.ظلام ودخان وأصوات بكاء عالية صرخات طويلة اختنقت ، برد قاسي ورياح قوية وكأنه سقط من جبل وتحطمت عظامه فتح جابر عينه وهو يلهث من هذا الكابوس والذي يعاوده في كل مرة بصور مختلفة اندفع لإذنه صوت بكاء طفل شباك غرفته مفتوح والصوت اقترب لإذنه كان يظن انه لازال نائم لكن الصوت صار يقترب أكثر فز من الأرض اللي كان مفترشها طل من شباكه ليرى طفلة الخمس سنوات تبكي بصوت حاد لمح ساعته لم تشرق الشمس بعد بدون تفكير خرج للباب الكبير وركض ناحية مصدر الصوت تضم ارجلها بخوف وبيد واحدة واليد الأخرى بفمها تقضم اصابعها والخوف تمكن منها أي قلب تحمله تلك الأم لتترك هذه الصغيرة خلف النوافذ في صباحات باردة جداً لايمكن لأي جسد تحملها نزل من طوله وجلس بالقرب منها جابر بصوت حاني ناعس حاول فيه يمتص خوفها ودموعها : لاتخافين
رق قلبه وهي تناظره بعينيها المتشبعة قهر وخوف : وين اهلش ليه يخلونش بذا البرد وش اسمش؟
جود
تقوس فمها من جديد : يمه قالت انتظري هنا يوم تطلع الشمس بيطلع بابا
جابر : وبابا وينه ؟
رفعت كتفيها وهزتها بطفولة
جابر : طيب تجين معي ؟
تأملت عينيه لثواني وقالت : انت بابا !
انقبض قلبه وانشد وجهه وتصلبت ملامحه للحظات لتشير بيدها الصغيرة : يمه تقول بابا في البيت ذا!
تأملها والصدمة تمكنت من جوارحه والصمت تمكن منه لتكمل : عادي اروح معاك بس تجيب لي بابا؟
رجفة غريبة تسللت لأطرافه وجود من لمحته يتأملها بهذا الرعب زادت رغبة البكاء لكن فجأة وبسرعة غير متوقعة فتحت عينها لتشعر بدفا جديد وهي متعلقة بين يديه حملها بخفة وقال بصوت يتصنع فيه الهدوء : قلت لا تخافين مني ووصلتي للبيت
اصطدمت قدمه بشيء صلب نزل عينه ليرى حقيبة متوسطة الحجم حملها هي أيضاً واندفع للداخل ...
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...