لاحظ أنفاسها المضطربة ، لاحظ تجاعيد الألم لاحظها وهي تنحني وتقاوم آلام قدر يقتنصها جلست على المقعد وهي تتنفس بحدة : مارفعتها ولا يمكن أرفعها لين أحس اني كسرت لك شيء واخذت شيء ثاني يعني لك ، لين ارد لك الصاع اضعاف لين اتشافى واشفي الندبات اللي هنا وقتها برفع راية الفوز مستحيل اتراجع
يعرف ثباتها ويعرف عنادها يعرف انها مستحيل تنطق عبث وأن أفعالها تسبق أقوالها لكن قرر يسكت ولا يرد لأنها تتألم تمدد على المقعد الآخر : زايد وش قاعد تسوي
زايد : بنام سايقي رجع والمكان بعيد والفجر قريب
قاطعته : بس بس
تمددت وهو راقبها قدر يخفي قلقه وقدر يخفي إنجذابه لكل إنفعالاتها، يتعمد يستفزها لأنها بقمة ثورتها تظهر أنوثتها الطاغية وتتفجر سابقاً كانت تتمرد برعونة لكن بالوقت الحالي صارت أنوثة تجبرك توقف وتستمتع بكل التفاعلات المجنونة العرق النافر أسفل عنقها تفاعلات كفوفها بعد ما أرهقته بها سابقاً الآن تتمرد بجنون لايقاوم ، شعرها اللي يتحرك مع حدة صوتها حتى صوتها الغاضب صار ممتع ويطربه يبدو انها هي ، تمارا نفسها لم تتبدل لكن زايد للتو يستوعبها وبصورة مغايرة .
قضى ليله وهو يراقب أجفانها الراقصة ماغفت لها عين من التعب، وهو مثلها مانامت عينه ، الوقت مبكر وحتى وهي مجهدة تضغط نفسها بالعمل مدمنة عمل يدرك ذلك لكن تأذي نفسها وطفله وطفلها ! وهذا الشيء لايمكن يرضيه تأفف لأنه لايملك حق في مشاكستها وضعت حدود قوية وهذه الحدود بدت تثيره وتثير ترقبه وشغفه للمواجهة وللبقاء بجانبها الإنشغال بمراقبتها بدت له مرحلة ممتعة يتحجج بطفله بينما المقصد مختلف ، مر وقت طويل وهو يراقبها تتجهز للخروج وقبل تخرج سبقها للباب وهي تأففت
بتلاعب قال : قبل تنسين بذكرك في ثلاث حاجات تجمعنا !
رمقته تنتظره ينهي سذاجته : الأولى منتهين منها والثانية هنا اشار لبطنها وقبل يلمسه دفعت يده بحدة ضحك ورفع نظارته على عينه ليكمل :
والثالثة المبنى أنتي مو متنازلة وأنا متمسك
قبل يكمل كلامه دق جوالها ردت وهي متجاهله كل حروفه وإنقضى الطريق بدون لاتشعر منغمسة بالمكالمة وهو بجانبها مختنقة من وجوده بكل تحركاتها
المبنى في الدور الخامس والمصعد تعطل لن تضيع أي فرصة ترجع لها حقها زايد خلفها ومتعمد يخنقها بكل خطوة لكن انفجع من عنادها الغريب كيف تتحمل تصعد أربع طوابق مع درج عادي هتف بجدية : تمارا وقفي اصبري نص ساعة يصلحون العطل وش بيصير يعني
لفت له وهي تتنفس بحدة : تتنازل أنت ؟
نطق : أكيد لا
بإصرار قالت : ولا انا ماعندي استعداد اترك اي فرصة
زايد : يامجنونة وقفي وقفي
جلست على الدرجات وهي بالكاد تتنفس : انت لو بس تسكت او تروح عن وجهي بقدر اتنفس هوا نظيف وبقدر أجمع افكاري
جلس معها بعناد : قلت لك دام الثلاثة روابط موجودة مافي مفر اكمل بسخرية : حاولي تتنفسين قبل تنفجرين ويتأذى ولدي
احتقن وجهها وانصبغ بالإحمرار : ولدي أنا أنا وينه الحين ؟ هنا عايش على أكسجيني ودمي مربوط فيني وينك أنت من القصة ذي كلها ؟ وين قول متى صار القرب حلو بعينك متى زان ماعلمتني من زينه بعينك ؟ تنفست بحدة وأكملت : ماعندك جواب مثل العادة تتصنم قدام كل حرف تسمعه لأنك جبان صمتت وهي تمسح وجهها بحدة ثم قالت :مافي ولا رابط يجمعنا لاتتوهم حتى هالقطعة الصغيرة المخباه هنا علمتها تعيش على صوتي أنا وبس تسمع أنا أنا
فجأة نزل رأسه وضم بطنها بكفوفه وهي تصلبت من حركته الصادمة : الجبان اللي تسمع صوته الحين مثل ماقالت أمك هو أنا ، أبوك أبوك وماتقدر تنكر لو ما أعطيتك من شعوري شعور ولا لمستك بيديني أنا واقف لك عند باب الدنيا أنتظر جيتك !
رفع رأسه ليشاهد جمود، لكن لمح إنكسار بنظراتها وخوف غريب قدرت تخبي كل شيء حررت بطنها من لمسة كفوفه وقالت : أبعد يازايد أبعد ، أنت مو قد الحروف اللي تقولها ، أنت ماتعرف غير الهروب لاتعشمه بصوتك لاتوعده قبل يشوف الدنيا ، عودته على صوت واحد وقلب واحد لأني عارفة لو تعشم فيك بتغيب وبيكبر على نقص ...
رجفة غريبة تسللت له وغصة تجمعت بحنجرته ماقدر يرد وبالفعل كل شيء قالته يوصفه بالحرف نهضت لكن خرجت منها أخ متوجعة والسبب عنادها وهو تلخبط والوجع اللي خرج من ثغرها ماكان عادي مر من خلال قلبه وتحرك لأنه بدون شعور ..
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...