انتظرها تنتهي وتعاتبه على أقل من مهلها لأن كل حرف من ثغرها له رنة تتسرب لأقصى مكان داخله وده يسمعها لما لانهاية لأن عتابها شفاف وخفيف على النفس مثل طينتها الخفيفة : غيرت رقمك يعني بخلت حتى بصوتك ناسي أن حتى وش اخبارك عندي تعادل مليون كلمة حنونة
رفعها من حضنه وحضن وجهها بيدينه الصلبة السمراء وقال : بخيل وسروق من عرفت دروبش وأنا كذا بخيل لأن الصوت يخونني ولأن لو أخطيت خطوة صغيرة تسبقيني بمليون خطوة ، أما سروق انتي عارفة الوضع مايحتاج سوابق الحلويات كلها مسجلة عندش باليوم وبالساعة
بفم متقوس قالت : وكذاب لاتنسى ، لأنك تجي من ورى مليون خطوة وتسابقني
وبعفوية أضحكته أكملت : والا أنا خفيفة وكم كلمة منسقة تجيب راسي ، ولا أن الناس اللي ينلعب على قلوبهم بالورد أكلت آثامهم كلها الله يقويني
ضحك من قلبه على آخر كلمة : وعلى طاري الورد
البتول : خلاص لاتذكرني فيه !
نطق بنبرة غريبة ؛ يقولون فتحتي للرقة محل وصارت من نصيب الشاري ! أنا بالحقيقة غرت كل البضاعة قررت أسابقهم عليها لأنها تنشرى مثل الثلاثين يوم اللي ماكانت عادية ومثل اللقاء اللي ماكان عادي ، أنتي أبخص مني بالجمال ومافي أرق من يدينش وبالفعل الجمال فاق الوصف لأن أثيره لامس يدينش وصار لقانا محفوف بالرقةتجمدت لثواني وهي مصدومة من كل حرف خرج من فمه بدون ترتيب ، مشاعره رتبته بجمال لا يمكن يضاهيه جمال آخر لأن الحب تدفق لقلبها بطريقة مباشرة خانها التعبير وهو بسرعة مسح وجهها بيدينه الصلبة : لا تقولين شيء خليني أفوز هالمرة طالبش لا تغلبيني
ضحكت بصوت متهدج والسبب مشاعرها هزت رأسها وصمتها في هذه اللحظة كمل الصورة لأنه بالفعل غلبها ..وصلت معه للبيت وهو قال : بروح أشوف عمتي
هو عرف بسرعة ان عيونها تخبي سؤال سبق إستفهامها وهمس : جايكم جايكم بس قلت اسبق عمتي قبل تطلع الحفلة
نطقت : ماما من زمان ماتروح حفلات
مسك يدها وقال بهدوء : عمتي راوية أتكلم عنها
هنا وزعت نظراتها وكلها كلام وهو بحنية همس من جديد : قلت جايكم !
هزت رأسها بخجل لتخرج للبيت والأرض ماتحملها من حجم الفرحة اللي استقرت بصدرها أما غالب نزل للجهه الثانية بيت عمته راوية
فتحت له الباب واستقبلته بزينتها عانقها وهو يضحك : كل مرة تثبتين أن هرجي صحيح وبمحله احتكرتي كل الألوان وماعادت تغرينا
ضحكت له من جديد وبيدها عبايتها مستعدة للخروج ردت :وأنا عند كلامي وردتك بتضيع عليك الهروج كلها ،
غالب انبسطت ملامحه وابتسم لطاريها ومتأكد تمام التأكد انها بتعسف كل الحروف اللي قالها بحق الألوان رد : بروح بروح قولي دربك أخضر وقلبك أخضر ، السماحة اللي في البيت الثاني بتضيع علومي كلها
ضحكت عمته أكثر غالب سمح مثل البتول اذا صار مزاجه رايق يبدو انه الشوق وتأثير اللقا تمنت يطول وهو مبتهج لكن تعرفه وتعرف تقلباته ضربت ظهره ودفعته بتلاعب وهو عدل شماغه وخرج للجهة الثانية بيت ام البتول
استقبلته ام البتول بحلاوة وبحفاوة كسرت توقعاته لأن السماحة اللي بوجهها وصوتها كانت أصل لسماحة ورقة البتول اخجلته ضمتها مسحت كتفه بأمومة : وأخيراً قدرنا نشوفك كيف حالك
رد بهدوء وهي قدرت موقفه لم يعتاد بعد وهذا اللطف يحكره ويصير صامت بشكل تلقائي: بخير بخير الله يسلمش ياعمة واسمحي لي مقصر وخابر مير الظروف والبعد
قاطعته ، تحس بهيبه من خشونته وثقل رجولته : بنظرتنا مو مقصر بس قاطع شوية ، عذرناك قلب البتول يشفع لك ، حبيناك من حب البتول
ابتسم لها وهي قالت : خذ راحتك أنت في بيتك على ما أجهز قهوتنا ، روح شوف البتول من ساعة وهي تستنى
كانت واقفة عند باب الثلاجة تتفقد علاجها إنحنت لكن سبقت يده السمراء يدها ، تبعثرت وتركت كل شيء وضمت يدها
هو ترك العبث وقرر يستفرد بلحظته معها إمتدت عينه لكل نقطة كانت تجذبه وكان الكبرياء يمنعه من النظر ، شعرها وتورّد خديها بساطتها وسماحتها والقبول قطعت تمرد نظراته بصوتها الخجول :طولت كثير قلت خلاص راح مرة ثانية لسعيد
كتم ضحكته تغار من سعيد وبكل مرة تثبت غيرتها :تبغيني أروح للمروح سعيد و اضيع اللحظة ذي ؟ سعيد عند أهله هو وسرواله مطرود في السطح يطفح من الدخان ويشرب شاهي
ضحكت وهو وده تضحك أكثر يتوهج الورد اللي على خدها وتزيد فتنته : أكلت حلاوة على الريق؟ ماقدرت أخمن سبب ثاني للمزاج الحلو ذا
قاطعها بنبرة غريبة : ايه حلاوة وكيك وعسل وريحة ورد عندش جهاز السكري شوفي لدمي يمكن يضرب السكر عندي ، " جرعة حلاوة زايدة "
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...