غصة كبيرة تربعت بحنجرته هو قاسي لكن أوضاعها هذه تستفز كل عواطفه وتخرجها رفع يديها ومررها على وجهه اغمض عينه بوجع وهو ينطق : متى ترجع هتاف القديمة مرت أيام لكن ثقيلة وكنها بحسبة دهر
حررت يدينها منه وناظرته لكن تحولت النظرة الرمادية لنظرة حزينة طوقت عنقه بيديها غرست رأسها البارد وخصلاتها المبلله بصدره لتبكي من جديد بكت بضياع وبصوت مرتفع وهو الآن قلبه ينكوي من حرارة دمعها رفع عينه للسما بعجز وقلة حيلة طوقها بيديه وهو يشد من احتضانها فرغت دموعها على صدره ولدقائق طويلة غفت حملها للسرير مددها وغطاها وخرج بثقله للخارج مسح جبينه بصداع وجلس على الدكة ساري يراقب عجز اخوه ووجعه نطق : خذ لك فنجان قهوة لا ترد أمك مسوية كل شيء عشانك ، ودامها نامت بتخاويني لمكان يروقنا حنا الأثنين ..
هز عتيق رأسه بصمت اما امه والبنات هربن للأعلى بعد ما ارتفع صوت بكاء هتاف ضاقت الصدور من وضعها والبيت صار موحش من غيابها فجأة انفتح الباب الكبير لتندفع تذكار تحمل طفلة بيد ويدها الأخرى ممسكة بيد طفلها الآخر خلفها أديب يحمل رضيعتها نهض ساري بصدمة وعتيق صدمته لا تقل عنه
تذكار بصوتها المرح : بسم الله وش هالنظرات كني جاية بوقت غلط والا جيتي مو عاجبتكم
ابتسم ساري وهو يتقدم لإحتضانها : تذكار والتشره وجهين لعملة واحدة
ردت وهي تناوله طفلتها : المفروض الحكي ذا ينقال من عتيق حبيب الأوراق
ضحك ساري وهو يقبل نورة
تقدمت ناحية عتيق الصامت عانقته وقالت : حبيب الأوراق حزين ووجهه مليان حكي وش منه زعلان حبيب أخته
ضمها بصمت ونزل ليحمل ابراهيم
لتنطق : أدري مو معطيتكم وقت تتنفسون مايمدي تحبون بزر إلا الثاني جاي من ورى يدور له مساحة هذي الضيفة الجديدة نجد
انتهى إستقبال تذكار المرحة انعشت البيت بعودتها وطفلتها نجد صارت تتنقل من حضن لحضن
تذكار : بس بس قطعتو خدود بنيتي الله حسيبكم
أديب ونورة نايمة بحضنه : من زمان عن الصغار حسنة رجعتي من الرياض شوفتهم
لوت فمها بتهكم : عاد انت وضع خاص ماعمرك شفتهم إلا بالصور دايم اسأل نفسي ذا ينعد من الأخوان ولا لاقينه بلفه عند باب جامع
ارتفعت الضحكات حتى عتيق الحزين صار يضحك من طريقتها العجيبة في الكلام ومن تهكمها وعفويتها ..
ساري نهض ورفع إبراهيم قبل انفه بتحبب : ماودي اطلع لين اجبر بخاطره
تمارا رمقته بحده وهو لم يفوت نظرتها همس لإبراهيم طفل الخمس سنوات : هذي تمارا ماتحب أحد بالدنيا روح غثها قد ماتقدر ناظره الصغير بعدم فهم ليقرص انفه وهو يضحك شد كتف عتيق ونطق : أنا وعتيق بنطلع ويمكن نطول قاطعه عتيق : يمه هتاف كل شوي شوفيها اخاف تصحى
قاطعته : روح روح يمك لاتخاف
•أطراف قرية ساري
رفع كم بلوزة أخوه الثقيلة وهتف : فرغ كل أوجاع الدنيا هنا
أشار للجبل ، اضرب الحجر بيدينك صارخ واعتبرني مو موجود الجبل أمين ويحفظ السر وساري خويه أخذ كل أطباعه ..
صعد عتيق وصار يحاول بكل قدراته الخاوية يوصل للنصف والقمة بالنسبة له مستحيلة صار يصرخ بأعلى صوت يتعثر ويقاوم ويرجع يتعثر يسقط للأسفل ويرجع يتشبث بأطراف الجبل القاسية ويرجع للسقوط مرت نصف ساعة بدأ يضعف عتيق تراجع للأسفل نزل بأنفاس مرتفعة وبوجه متعرق
ابتسم ساري وهو يصفق يدينه بتشجيع : بداية حلوة حسيت بفرق والا انا ماعندي سالفة ؟
زفر عتيق وهو مبتسم : فرق وكبير بعد يالله مشينا تأخرنا أخاف تفتح عيونها وما تشوفني
مشى معه وضع يده على كتفه وصار يجاري خطواته نطق الآخر بتذمر : ليت والله ماسمعت لشورك
ضحك ساري : قصدك السيارة ؟ ياولد المشي زين بعدين المكان ماهو بعيد وانا متعمد تمشي وتطيح شوي من السلبية اللي صارت محتلة جسمك
ضحك ساري بعد ماشاف المسجد وعتيق ابتسم وتذكار حضرت حتى هنا بمرحها الصاخب
أبو سعيد برحابة صدر وإنشراح لرؤيتهم : ياهلا بالتوأم من زمان ماشفناكم مع بعض
ساري : اشغلتنا الدنيا يابو سعيد وش حالك بشرني عنك
ابو سعيد وهو معجب برجولة ساري الصاخبة وثقله الخاص صار يتكلم معه بأريحية قطع معهم الطريق وبيتهم ملاصق لبيته بالضبط دخل بيته وهم دخلو أيضاً
تذكار : تعال تعال والله ما اخليك يالدب غزل امسكيه انقطع قلبي ..
كانت تركض بأقصى سرعة وإبراهيم قدامها يركض كان سريع أسرع منها
ركض الصغير ناحية الباب وهي خلفه رافعه طرف قميصها وشعرها يتطاير مع الهوا : تعال تعال مسكتك يالدب
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...