158

225 6 0
                                    

جذبها وهي بالكاد لامست أصابع رجولها الأرض لأنه خطف أنفاسها مع لحظة خروج الشمس ، كانت النية تتأمل شروق الشمس لكن غالب سرق منها اللحظة وقبّل الشمس بشفاته ...
.•

هتاف ..

الغرابة غادرتها من فترة ، لكن تعيش غرابة جديدة ، مشاعر عتيق القديمة بدت تعثر على طرف خيط منها ، بدت تفكك وتحلل ، بدت تنشغل بحروف إسمها اللي شاهدتها بصفحاته ، كيف غفلت عن هذي التفصيلة كل هالسنين وللتو تستوعب؟ هتاف بأول صفحة ، هتاف بآخر صفحة وبأواخر السطور وبين أدق المعاني ، كان يدس حروف إسمها وكأنها هي المعنية بكل شيء ، حروف الغزل ، حروف العتاب ، صوته اللي بخل فيه رسمه على ورق والآن ومن بعد محاولات وبعد سنين وصل الصوت بعد ما إرتخت الأيادي ، زفرت وهي تغلق الصفحة وتشيح بعيونها عن الحقيقة المبعثرة بين صفحاته وبعثرها هي ، سقطت نظراتها على حقائب السفر عزم على الرحيل معها ، قرر يشاركها خطواتها حتى وهي تهرب منه مشت بخطوات قصيرة ناحية مكتبته لتشاهده مغمور بين أقلامه مطموسة ملامحه خلف قصيدة جديدة ، يبدو أنها هي المقصودة ، لأنه أبعد كثير ، قررت تتراجع لكن لمحها وهي مترددة وهي تسترق النظر وتنتظر دورها من بين زحمة أوراقه ، هي الأولى سابقاً والآن وهي تظن أنها بآخر الصفوف ، آخر حرف بطابور قصائده الطويل ، بينما كل صف بإسمها ، وكل صفحة هي إسمها ، وكل سطر لإسمها وكل صورة شاعرية نظمها كانت صورتها وكانت هتاف رفع عينه وخلع نظارته ، حرك الكرسي ومشى ناحيتها ..
توترت من حكي عيونه قبل صوته قالت: ارجع كمل كنت جاية باخذ لي كم كتاب خفت أقطع حبل أفكارك
كيف يخبرها أنها هي أفكاره وهي الحبل الموصول بقلبه وهي قصائده المكتملة والمبتورة ؟
قرب منها وهي ودها بالخلاص لأن نظراته ماتطمن وهي في آخر رمق لها من التحمل والصد قرب أكثر :والله أن في زحمة حروف ، وفي صوت مغمور وفي حكاوي تخبت ورى قناع التبلد صارت قدام الصد مفضوحة !
: عتيق لا تقول شيء ، تكفى لاتثبط نيتي خلني أمشي الدرب اللي نويته ، خلني أكتشف النتيجة وأجمعها بيديني ، خلني أتشفق مثل ماصرت متشفق
شعور راحة كبير ، إنبسطت أساريره وابتسم ثغره :يعني الشعور منقسم نصفين ، شنطة السفر لايمكن تهزم الشعور اللي نصارعه أنا وانتي !
هزت رأسها بإيجاب : أنا ما أقوى أصد بعيني مابالك أمشي لوحدي بدون لاتمسك يديني يدينك ، أنا صوتي ضعيف بغيابك أنت تظن اني طويت صفحات وابتديت أنا لحالي صفحة جديدة لكن ياعتيق أنت موجود بكل مكان حتى بثيابي اللي جمعتها للسفر ..
رمقها بنظرات ملهوفة قدرت تسيطر على مخاوف البعد وتحتوي تساؤلاته ، قدرت تطبطب على ذعره بسكينة الحب اللي ماقدرت تخبيها ، ماقدرت تقاوم صبرت أيام وهي تصد لكن الصد إنتهى مشواره وإبتدت تلاعبه على المكشوف لذا قالت : ماهو يوم اني أعترفت أني ضعيفة من دونك تتجبر وتوقف لي على الخطوة ، أحتاج هالمدة وأنا بعيدة ،أحتاج فترة صفاء أقدر ألمّ الشتات اللي هنا وأجتمع بحروفي الناقصة عطني فرصة وحيدة
مد يدينه وضم أكتافها : لش الفرص اللي تظنينها فرصة وحيدة ، لكن إسمحي لي مايقوى قليبي أنا ماحسبت أنه تلحلح واعترف تبغيني أبعده ونرجع للصفر من جديد لا هذي بعيدة !
تأففت وبدلال قالت : آمنت بربي بس لا تضغطني لا تطلب أشياء ماقدر عليها خلني على هواي ياعتيق
ضحك من قلبه وقال بثقة : دامني هواش ودام اني موجود حتى بثياب السفر على هواش سوي كل شيء لا توفرين أبد ، أنا واقف بحدودش ورهن الإشاره ، قلبي مستعد دايم دام إنفتحت الأبواب والله اني مستعد مثل قلبي وأكثر بعد !
إكتفت بإبتسامة خجولة ، جفلت أطرافها وهو يقبل أصابعها بطريقة شاعرية ، على أقل من مهله لثم كل أصبع ، ضمّت خصرها بيدها الأخرى وعينها على جسده المايل وهو يتلذذ بتقبيل أصابعها ، إنحناء رأسه وخصلاته اللي تعانق ذراعها ورائحته الصاخبة بعد ماتمردت ، لتقف لكبريائها بالمرصاد ..

لتصل بكل تمرد لأعمق بقعة في روحها ، لتصل للوجهه المطلوبة ، دق قلبها دقات متتالية لهذا الوضع الشاعري ، لم يكتفي بعد رفع نفسه وأطلق نظراته وصوبها إتجاه حمرة الخجل ، كانت تتنفس بشكل جنوني ، حاول يسيطر على جنون اللحظة ليتراجع بجسده للخلف رتب خصلاته المبعثرة وقال :رحلتنا للرياض بعد ثلاث ساعات ، بتوادع من قهوة أمي وانتي حني علي بمعمول من أصابع يدينش مانطالبش بشيء غيره لفترة طويلة !

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن