127

208 4 0
                                    

صار يداريها من النسمة حتى العتب المركون ورى صوته الثقيل صار يخففه بنبرة لينة وبنظرات دافئة وهي لم تفوت شيء لكن مصره على موقفها عتيق كسرها كثير ومصره ترد إعتبارها ..
.
.
اعطني المفتاح ياسعيد وتوكل
سعيد وهو يتجاهل تمارا وصوتها وغثيانه منها يزيد يوم عن يوم : عودي جنب اختش وامنعينا من ذا الصوت اللي يقطع الرزق
ضحكت بإستخفاف وهي تقرب بعناد زاد من غثيانه وجهها مكشوف والهوا اليوم بارد بعد المطر اللي نزل كم ساعة ووقف : قلت هاته وعليك الأمان من غالب اللي انحد على وقفتك ذي والا لو عليه مايشتري قربك حتى بهلله !
ضحك بسخرية وهو عارف أسلوبها وصداقتهم المصقولة لا يمكن إختراقها تجاهلها لكن هي عنيدة أكثر منه وقفت وطالت وقفتها وهو مل حاول يلطف أسلوبه ويتخلص منها : امشي من هنا قبل يعوّد غالب أنتي ماتعرفينه وتعرفين يده الثقيلة لاثارت شياطينه ؟
تمارا : ماعلي ولا مهتمة اللي ابغاه شي واحد هات المفتاح وانطم ولا يكثر ، لا تكثر هروجك على راسي تراني منغثة حتى من ثوبي !
لف لها بعد مابرزت عروق الغضب : غالب معيي ( رافض ) ومستحيل أكسر كلمته واستغفله وهو غايب انطمي أنتي وعودي للحلال ولايكثر
شدت من خصرها بقهر منه وبإستفزاز متعمد :يومك فالح وصاين الأمانة أكثر من راعيها ليه ماتقوم بأهلك ؟ أبوك اللي يقوم من صبح الله على هالوايت يسقي حلوق العرب وجيبه ظامي واحد من عياله فالح بالضرب واستعراض عضلاته والثاني يحرس أعراض العرب والفقر متربع بباب بيت أهله !
شد يده وهو يكبت صوته الثاير ، هي متعمدة تخرجه عن طوره وهو مستحمل قدر الإمكان لذا هتف ببرود تام قهرها هي : من اللي منغث وماله بالهروج الطويلة ؟ أشوفش طولتي الوقفة وصرتي تهرجين على قل سنع امشي امشي ياخيبة بن ضيف الله وسواده امشي !
تراجعت بحده وهي ضامه بطنها وكأنها اقترفت ذنب كبير وخطية وهو أخفى إبتسامة التشفي بعد ما أخبرها بحقيقتها المشينة رجعت من نفس الطريق وهي جايعة بالفعل لكن سعيد كسرها كسرها بالفعل ..
.
.
مر شهر ..

ابن ضيف الله الحق قبل النار تلتهم حتى الفتات
ضيّق عينه بعدم فهم ليكمل الشخص المجهول وبغضب كبير : ولدك الثاير ماخلى العرب ترقد كل يوم يوعيهم بصياح مرته !
إنتفض نادر ولف لجابر النائم بطرف الدكة ، إنتفض أكثر وهو يسمع الشخص المجهول : له شهر مابقى فيها ضلع ولا قدرنا ندخل السور ونوقفه
صرخ نادر بأعلى صوت : أنت من ومن وين تكلمني
رد الآخر : من جبل الهزم
ثار نادر ونزل من الدكة : ولدي ترك مرته من مدة ، وينكم عن صوتها ليه مافيكم اللي دخل وشاف ليه دوبك ترفع جوالك وتتكلم
الشخص المجهول وهو خايف و متوتر : كنا نظن أنها تحت جناح رجالها ، والحقيقة أن في مرة كل يوم تدخل البيت وتخرج وهي اللي قايلة أن حسناء أمورها بخير ولا واحد فيكم يتدخل !
تلخبطت الأمور بمخ ابو جابر ، أنهى الإتصال بعجلة وبعجلة أكبر ركض لولده النايم وهو بداخله متيقن أن هناك كارثة وأن حسناء في وضع غير آمن !

جابر وكل شي بناه وكل الجروح اللي ظن أنها بهذا البعد ممكن تتشافى ، يمكن الفراق دوا لكن في الحقيقة ماكان إلا سقم ، حسناء من رابع أيام العيد وهي مافارقته ، تأكل وتشرب معه أبعدها عن حدوده لكن روحها اللي غرستها خلفها تسلقت أوردته ،

وصل لقرية حسناء وكل الكوارث مرت على باله ، لم يخيّل له أن الضر لو صابها من غيره بيمر على قلبه بهذا الثقل ، غرست أشواك الألم داخل فؤاده حتى وهي بعيده ، بجنون كان يسرع خطوات قلبه لها ، الندم صديق الطريق ورجفته كانت الأغنية اللي يقطع بها المسافر طول المسافة ، وصل وركع عند الباب وكأنه عبر تضاريس الجنوب بأقدامه ، دفع الباب وانحبست أنفاسه من جسدها اللي إرتمى على صدره ، من كفوفها المتشبثه بكل بقعة بجسده ، من صوتها اللاهث ، ومن شعرها اللي صار عالق بحدود المعركة ، صارت تصرخ وتصرخ وتهذي بكلمات متقاطعة ، رفعها من حضنه رمى نظراته على كل نقطة بجسدها ، شاهد آثار الضرب الممتدة والحروق والخوف المرسوم على وجهها ، كانت تعبّر عن كل شيء إلا بالبكاء ولازالت، لم تبكي عينها حتى في وضعها الحالي ماحنّت عيونها حتى بعد ماضاع الجمال ورى جروح قديمة وحروق إمتدت لأجزاء من وجهها وعنقها ، حتى وهي تتألم خانها الدمع وقسى
هزها وهو ضاع وغاب وعيه ، هزها وكل خلية بجسده تتراقص أمام هذه الكارثة ، هزها وهي من الجوع والخوف والأسى ضاعت قوتها ، وكأنها خرقة بالية رفعها من تحت الركام ،

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن