صفية : هذي الصغيرة لمن ياجابر !
جابر وهذه الصغيرة افترشت حضنه لتنام بسكينه بعد ماغطاها بغطاء ثقيل وصار يراقب نفسها المنتظم يشعر انه ينتمي لها وانها شيء عائد إليه في تجانس روحي وفي تجاذب ساعة فقط توسدت فيها حضنه اشعرته انه مسؤول عنها وده يعرف سبب دموعها ووده يعرف كيف يقدر يحميها لكن تبقى مجهولة وبقائها هنا بسبب سر والسر ومفتاحه بيد الشخص الذي رماها خلف جدران منزلهم ليترك لهم عقدة جديدة ويبدو ان مغامرات عائلة ضيف الله لن تنتهي أبداً
تنهد وقال : مدري !
صفية بذهول : كيف ماتدري وانت مغطيها بجناحك !
جابر : والله ياعمة اني مدري كيف جات فزيت على صوتها وهي تبكي يوم ظنت اني ابوها طار عقلي وحسيت اني صدق ابوها
صفية وهي ترفع طرف ثوبها وتتخطى درجات الدكة لتقترب اكثر : جابر اذكر الله وش جاك اكشف لي وجهها يمكن بنت نعرفها وضيعت دربها
هز رأسه برفض ليخبرها بما قالته هذه الصغيرة وبالحرف
صفية : أمرها غريب ويخوف اخاف تنكبك وانت منت ناقص بلاوي يوم تصحى خذ واحد من اخوانك واطلع دور اللي جابها لازم نعرف السر اصبحنا وأصبح الملك لله
تحركت للمطبخ وهي ترفع اكمام ثوبها والآخر يراقبها برحمة وعطف خرجت مشاعره وتدفقت ماقدر يسيطر عليها ...
.
.
جهه أخرى
قرية جبل الهزم
حسناء بغضب :وش جابش من صبح الله !
شريفة بخبث : والله جبت لش العلوم اللي تفرح وتونس قلبش تعنيت عشان اشوف عيونش وهي تقدح نار ويسفهل قلبي أنا !
حسناء وهي تنتظر مقدمتها تنتهي و تعطيها زبدة الموضوع لم ترد لتنطق شريفة : جود صارت عند جدانها وببيتها ومكان أصلها
شحب لون حسناء واكتسى ملامحها الغبن من جديد لتهزها بصرخة قهر خرجت من أعماقها : بلعت السر خمس سنين وعشانها هي وبالأخير ذي هديتي ؟ هذا الجزا يالقاتلة والله لطلع اللي خبيته والله لحرق كبدش مثل ماكويتي كبدي
شريفة وهي تتصنع البرود : على هونش على هونش والله ماتنطقين حرف وحبلش ملتف برقبتش و بيديني تبغين بنتش وتبغين الستر اكتمي سرش وابلعيه وتري لو جيتيهم مابتطلعين من بيتهم إلا عروس !
حسناء وهي تنتفض ودموعها تفجرت شدت العجوز بقهر : سر البيت وسر البنات الثانيات غير بنتي وكل الأسرار اللي بصدري بتطلع اليوم مثل ما قهرتيني ببنتي بهدم القوة اللي تظنين انها باقية لش بهدمها على راسش واليوم
ركضت للداخل وهي تبحث عن غطاء رأسها والعجوز عند الباب الكبير تنتفض !
تسرعت كثير لكن حسناء تشكل خطر كبير كانت تظن انها بتضعف وتكتفي بسر واحد ،اليوم السبحة بتتساقط حباتها !
سمعت صوت خطواتها حاولت تستعيد توازنها وتستعيد هيبتها شدت كم عبايتها وهمست لها بتهديد : اسمعي سر واحد وبس والا اللي كان بيصير لماجد قبل كم سنة وماهان علي بيصير وبتنكوي كبدش وبتذوقين طعم الموت وانتي تتنفسين
تجاهلتها وهي تركض ناحية المسجد صادفت ماجد وضمته أمام الناس انصبغ لون وجهه من الخجل لكن من سمع حشرجة صدرها وصوت شهقاتها بجزع حقيقي شدها لصدره : أمي أمي من مبكي عيونش هالمرة علميني والله لبكيه
جودي ماما
همس لها : ماما لاتبكين طالبش شوفيني تخليت عن شنبي وعن صدري العريض ونطقت الكلمة اللي تحبينها طالبش لا تبكين
جودي
: قولي قولي وش بقلبش
خفف من احتضانها بعد ماشاهد الناس ملتفة حولهم ويسألون بترقب
ماصار شيء امي طيبة وبخير نطقها بصوت عالي ومسك يدها لزاوية بعيدة عن نظراتهم
عيونها المبللة خلف النقاب واصابع يديها عقدتها وكأنها تستجديه وتطلب شي مستحيل انفاسها المضطربة كلها حطت على قلبه بمرارة قاتلة لتحطمه بالكامل لينسلخ عن رعونته عن طفولته عن جودي الصغير الذي يركض خلف رائحتها دائماً وهذه الوقفة المحرقة جعلته يكبر سنوات وسنوات
لتنطق أمه : جودي بطلبك طلب تكفى لا تسمع من غيري مهما كان اسمع للنهاية قول وعد ماما
دنقت وهي تبلع ريقها الجاف دنق ليجاريها بالطول ومسك يديها كانت عاقدة اصابعها بصورة مؤذية لقلبه لم تشعر بالألم لم تشعر بقطرات الدم وخسارتها فادحة ومصيبتها كبيرة والسر اللي بتنطقه بيكلفها الكثير : جودي مهما صار لا تنخدش الصورة ولا يتغير لونها أمك أنا لو اختلفت ملامح القصة
جلس على ركبتيه وهو يحاول يقوي نفسه لازم يحتوي مرارتها واجب كبير ينسلخ عن تردده الدائم وخوفه واحتياجه لطرف آخر يقويه لازم يصير هو الطرف القوي الصلب : وعد ياحبيبتي وعد ..
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...