🌹 190 ..ضمت نفسها وهي تحس بلفحة برد قوية وكأن مربعانية نجد تربعت وسط المسافة اللي تفصل بينهم
فز من طوله وهو يشوف لونها المخطوف ، وهو يشوفها تضم جسدها وتحاول تغطيه عن البرد بيديها العاريتين ، فز للغرفة وحمل وشاح مرمي على الصوفا القريبة من دولابه، ركض وغطاها من الخلف ، جثم على بردها بطوله الفارع طوقها بيديه الثقيلة شدها وهو يهمس بإذنها : سلافة قولي انا لله وانا إليه راجعون
يعز عليها تسقبل العزاء في روحها وفي خليلة اليتم في خليلة الأيام الثقال ، يعز عليها تستوعب، يعز عليها تعيش مثل هالموقف ، ماكانت مستعدة للفقد السرمدي ، كانت تكلمه عن فقد الموت وتقول له سابقاً فقد الموت فراق مؤقت ، لكن الآن الآن إستوعبت وحشته ، كيف استوعبت أنه فراق أبدي بعد ماشُدّت قطعة من جسدها تمزقت وفارقته بدون عودة !
تسمع صوته من بعيد تسمعه يقول أبكي !
كيف أبكي كيف ؟
كان يقول إبكيها ، كان يقولها ببساطة ، وكأن دمع العين كافٍ ، وكأنها لو بكت يسدل الستار ويصير فراقها آخر الأوجاع !
: ابكي سلافة ابكي طالبش طالبش
أفلتها من يدينه ، إرتخت ضمته إستدار وصار مقابلها بالضبط ، إنثنى عند أرجلها شد يديها الساكنة حينها رفعت رأسها وليتها لم تفعل ! كل المتضادات كل المشاعر إجتمعت على صفحة وجهها الموجوع ، رضا ، سكينة ، فقد موحش وقهر متربع ، دموع تخبت ورى الجمود القاهر وأخيراً نطقت وأخيراً خرج صوتها : الحمدلله على كل حال ، أديب خذني لهم تكفى
: أبشري حجزت
لتقاطعه على الفور
لا يا أديب بنروح بالسيارة أرحم !
ماعنده وقت يسألها هتف بود غريب هو أديب العذب حنيته تسابقه : على خشمي روحي صلي لش ركعتين وأنا أجهز أغراض السفر
نهضت وسقط الغطا ليظهر نحرها والعرق النافر وكأن دموعها المحتبسة إحتقن ينبوعها من خلاله مشت لكن شد يدها وجذبها بحدة لتلاصق صدره العريض ، دسها من جديد بحضنه الشاسع مسح عرقها النافر براحة يده اليمين وقال : أحسن الله عزاش
ماكانت مستوعبة حضنه ولا همسه الدافي ولاصوت العزاء الجديد ، وياكثر هالكلمة على قلبها لو تستوعبها ، ياثقلها خانتها أرجلها وتهاوت وسط ضمته ، يبدو أنه مفعول تجويعه وسجنه الساذج دفع ثمنه مضاعف ، لأنها سقطت بحضنه بآخر مكان كان يتمناه ، ماكان مستعد لهذا التلامس ماكان يتوقع ماهيته وصار ، حضنهم حضن حزن وأصوات عزاء ودموع مكبوتة ، وصار اللقاء بعد السفر غير قابل للنسيان ، رجعت على نفس الكنب وهو ضايع ، ضاع وسط هذه الفوضى ، رجع وحمل الغطاء ، طوق أكتافها من جديد ، مشى للغرفة وأقفل الباب ، جلس قريب من الباب خايف يتوسط الغرفة وتنهار ولايحس ، وخايف يخرج لها وينهار هو جلس على الأرض ، دس وجهه بيدينه وهو يزفر زفرات حارة ، ثقل مريع تمكن منه ، هو أديب اللي كان يهرب للمرح وللصخب وللضحك العالي ، يهرب من الصور الحزينة قدر المستطاع ، ليجد نفسه هنا غريب وسط صورة حزينة متوشحة بالفقد مختومة باللون الأسود ...
طفرت دموع عينه ، كانت أمه سابقاً تقول أحن عيالي أديب لو أقول أخ بكى ، وبالفعل أديب دمعته قريبة مسح دمعته وفز يلملم حقائبها ..
.
.
دخلت حسناء الشقة بعد ماترجل عن كاهلها حمل ثقيل ، بعد مانفضت حرقة سنين بحضن أم تجهلها والسبب قصة قصة فقط ، ولشخص تجهله نزعت عبايتها وعلقتها بالباب الخشبي ، إنتثرت خصلاتها على وجهها ، ظهر هندامها الجديد ، أصرت البتول عليها تدخل معها شقتها وتستحم وتستبدل ثيابها وبالفعل ظهرت ثيابها الجديدة ، توب قصير وبنطلون بين تفاصيل جسدها الناعمة ،
خرجت وهي لم تستوعب المراقب الصامت المذهول ، كان يظن أنها فتاة أخطأت العنوان لولا صفحة وجهها وحسنها الخاص ، لولا عبقها اللي نثرته بخطواتها الصامتة، إبتسم وقام من مكانه إقترب لم يتمالك ضحكته ، خرجت والسبب الفرح الفضاح اللي إنتثر على المكان بسبب حالها الجديد والراحة اللي شاهدها لم تنطقها شعر بها ضحك أكثر وقال :نعييماً !
دنقت بخجل ، رفع دقنها بيده ، وبيده الثانية بعثر خصلاتها بان وجهها أكثر ميل رأسه وقال : لاينحني راسش أبد !
صمتت وهي تتذكر توصيات البتول بحذافيرها
: لاتعطين وجعك فرصة
: لاتخلينه يوقف بطريق حياتك
: أنتي مالك ذنب أنتي بريئة
: كل شيء حلو إشتهيتيه وتحسينه بعيد عنك تستحقينه .،
: أعطي قلبك وقلبه فرصة
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...