260-267

354 7 0
                                    

260

أشار لبطنها ومسح بخفة عليه ، دس وجهه براحة عميقة بالقرب من كم عبائتها المثقلة برائحة المستشفى لكن على النقيض ، كان يستطعم الورد وهو يستنشق أثيره ، كان مستمتع بأرق حضن بالدنيا وأعذب مكان وهو قريب من جنتين ، جنتها وجنة نورته ..
.
.
مرت مدة طويلة ، رهاف قدرت تتجاوز بعض الأمور تبعات الماضي وخدوشه ، مازالت تعيش شعور النقص ومع ذلك تتظاهر أمام مانع اللي سخر كل مايملكه من مشاعر ومن نظرات ومن كلمات لتطبيب جروحها، تشافى الكثير وباقي القليل ،لاحظ أنه معها قطع مشوار طويل ، تنازل عن رغبات ذاته ورغبات حواسه للإقتراب الصريح كان مكتفي بمسافة أمان ، هذه المسافة يقدر يكسبها من خلالها وبالفعل قدر !

لاحظت تردده ونظراته اللي يوزعها بالمكان لكن صدمها ونطق : أمك اتصلت فيني ودها تجتمعون بديرتكم القديمة !
لاحظ انكماشها لدرجة شدت رجل الصغيره وبكت إقترب من أطراف السرير ، نطق وهو يحرر أطراف أمان من قبضتها : رهاف رهاف اتركي البنية عورتيها
: وليه وش تبي فينا هناك مالنا شيء بالديرة كل شيء خذيناه والباقي نسيناه
لم يفهم مقصدها لكن قال : لا لك أخت من أمك وأنتي عارفة ان لك أخت من مبطي وتهربين من مواجهتها ولأنها بهالديرة تهربين
: هالديرة فالها شين يامانع
:تعوذي من الفال الشين وأجمعي ثياب ثقيلة باقي كم ساعة على رحلتنا
فتحت فمها وهي عاجزة تنطق ، وهي عاجزة تبوح وتخبره بسر هذي القرية وياللغرابة خايفة أسرار هالقرية تسرقه منها ، خايفة من إبتعاده لو عرف نصف سر ، حملت أمان وهي تضمها بإعتذار صامت وبغصة ثقيلة ، رايحة لديرة ساري ، رفيق الماضي القريب المثقل بخبايا تكره تفتح أوراقها تستحقر نفسها بمجرد تمر على بالها ذكريات تلك الليلة ..
جمعت ثيابهم وهي تتعوذ من العودة للخلف ، وهي تحصن قلبها من خطوط الماضي ، وهي تنفث على روحها وعلى أماكن ندباتها القديمة ، غابت نصف الآثار ونصفها الباقي مرهون بالماضي وبقلبها ،انتهت من مهمتها الثقيلة ربطت نقابها ورفعته عن وجهها حملت أمان وقالت : خلصنا يامانع جاهزين
حمل الحقائب ومشى خلفها ، لاحظ كيف تمشي بثقل ، يبدو أن الماضي رجع يفتح أبوابه ويدق على أوتار الجرح بقسوة ، خايف تدمى جروحها ويرجعون لنقطة الصفر ، هو مثلها يعيش نفس المخاوف

نزل وودع عائلته وهي نزلت نقابها على وجهها ومازالت تنفث على جروحها ودعت أرض أمانها رحلت لأرض الخوف بإرداتها هي رحلت بدون لاتبدي أي إعتراض ..
وصلت رحلتهم واستقبلهم عتيق ، عتيق مصر يكسر رتابة أيامه مع هتاف ، يكسر الصمت الطويل بحضور طرف جديد ينعش حياتهم ، قد تكون هتاف بحاجة لشخص آخر بعيد عنه ، تجتمع بطرف من عائلتها وترجع لها الروح اللي غابت ، حاول يتدارك الوضع قبل تسوء العلاقة وتتوسع الفجوة وتعتاد على البعد والصمت بحضوره ..
استقبلهم مطر قريتهم كان قوي مثل الأيام الماضية رهاف بالخلف تضم أمان بوحشة ! صوت المطر وقرقعة الرياح خلف أبواب السيارة ، صوت أحجار الطريق والصمت اللي تلحف الأجساد وارتفعت أصوات الجمادات بحدة قاتلة ، ارتفعت أنفاسها وهي ترجع بها الذاكرة لليلة الجنوب ، الليلة اللي كانت بتكون فيها ضحية حمد ، ضحية سلاحه وضحية شرابه المسكر ، كان ثمل ، كانت تسيره رغباته الجنونية ، هشم جسدها بضرب مريع، طبع آثاره مثل كل مرة ، واستمتع بجسدها مثل كل مرة يهينها ، كانت ترفض القرب وهو يفرض إقترابه بوحشية مهلكة ، لدرجة ارتفع فيها صوتها الصارخ كسر سكون الأجساد وتعالى على صوت الجمادات كان مجروح مشروخ مهشم مثل جسدها اللي حمل آثار حمد ثلاث سنين ، انتفض مانع وعتيق وقف لأن صوتها شل حركته ، اندفع مانع ناحيتها وهو عاجز عن التصرف، أول مرة يشوفها بوضع مثل هذا أمان عالقة بحضنها تضمها وتصرخ بوقت واحد حاول ينقذ الصغيرة من قبضاتها المنهارة وبالفعل التقطها عتيق من يده نزع نقابها وقال : رهاف خذي نفس وش جاك وش شفتي ؟
: حمد حمد يامانع حمد ذكرياته الشينة كلها هنا كانت تشرق وتغص والحروف العالقة وسط غصاتها بالكاد فهمها ، صرخت وكأنه تلبسها جن من جن الجبال لأنها صارت بدون وعي !
بهت وجه عتيق ، شعور مانع مجهول لأنه توارى وجهه عنه دفن فيه انهيار رهاف ، أغمض عينه من هذا الحصار وبتفكير تحرك خطوتين ، لكن رجع الصغيرة ومددها على المقعد الأمامي ليركض للبيت ، بيتهم كان يبعد بمسافة لكن ركض
اقتحم الباب وهو يدور بنظراته في الحوش الفسيح الكل دخل لأن المطر كثيف جداً ، ركض للأعلى حيث غرفته مع هتاف
: هتاف البسي عباتش وبسرعة هيا معي

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن