حسناء جمعت جزء من قماش عبائتها وصارت تعبث فيه وطرحتها على اكتافها تسمع اصوات وتسمع إهانات سمعتها من قبل عشرات بل مئات المرات هذه الأصوات لم تغير شيء هذا الإستقبال الغاضب لايعني لها شيء رمقت جابر الحائر الصامت بعينها وقالت : جابر وين ببقى وين غرفتنا ؟
صفقت تمارا بيديها وهي تضحك : ماشاء الله تبغى تأمن على نفسها بحياتها الجديدة بعد ماكوشت على الكبير ناوية على الثاني مالك مكان هنا ولا بيت
حسناء وهي تعرف قدرها جيداً هي زائدة على الدنيا بنظرها وهي ثقل على تراب الجنوب وجبالها ولكن جربت تكون هذه المرة وبسرعة وجدت نفس الإجابة لكن ردت هي بتمثيل متقن لشخصية وهمية قررت تعيش بها لفترة مؤقتة على الأقل تثبت وجودها بالدنيا : ماجيت أدور شر جابر هو اللي فرض علي ذا القرار وهو أصر نبقى هنا
صوب نظراته النارية بإتجاهها وصلتها لسعة الحمم الصادرة من عينيه المفتوحة خمنت القادم وبالفعل ارتطمت يده بفكها لم يكتفي رفعها من جديد وضربها كف آخر صار يتفنن بالضرب وخدها هو من يتلقى الضربات لكن ماذا عن قلبها ؟ قلبها هامد مستسلم لسبات طويل قلبها جار عليها مثلهم وأكثر لا يتألم من أجلها لا تملك مشاعر ناحية نفسها ولا جديد في كل مرة تنهان تتكرر نفس الصورة وتنطبع أمام الأنظار صورة بلا ملامح صورة قاتمة بلا روح هنا قفزت تمارا وحملت الصغيرة واستدارت بها تخبيها عن المشهد اما حسناء متصلبة أمام هذا العملاق تنتظر عقابها ينتهي والبقية في حالة ذهول ! جابر المسالم الحنون تمردت يده ورفعها على أنثى ناعمة ضعيفة بلا حول وبلا قوة جابر اللي يوزع على عائلته الحب بلا إكتفاء اليوم ينظر بكراهية ولجهه واحدة للمرأة القابعة أمامه هنا صفية نطقت : لا توسخ يدينك لا تسوي شيء يخليك تندم ، ارفع علومك وأنا امك
جابر كور يده بلا ندم لكن بسطها من جديد ومسح وجهه استعاذ من ابليس وهو عينه على أثر يده اسفل عينها ومبسوطة راحته بتمرد على خدها الناعم والدم اللي سال من فمها بسبب ضربته الأولى رجعت وهي تقول : جابر اخلص علي وين غرفتنا ؟
ماكان بوسعه غير يتحرك بصمت وهي تتبعه ليدخل بها لقسمهم القديم المنفصل عن بيت ضيف الله داخل السور كان عباره عن مبنى صغير اشبه بشقة متواضعة رمى الحقائب عند الباب وضربه بقوة خرج من البيت وسط نظراتهم اما ماجد جلس عند شجرة الليمون وبكى بضعف مرير شعر بيد ناعمة توسدت عنقه رفع عينه وخمن انها اخته ومتعاطفة مع موقفه وبالفعل غزل اهتز قلبها لبكائه لتجد نفسها بالقرب منه و تحتضنه بلا شعور منها ولكن حضرت الأخوة وغلبت الموقف ..
مكة وغالب يستعد للعودة بعد ما حاول يمهد طريقه لسهم وحاول يقتحم أسواره وعد نفسه بخطوات قادمة قرر يطبخها على مهل وصار بالمحل وسهم مقابله بعثر مفاتيحه وقرر يوصله للمطار هنا شعر غالب بتوتره وتردده : ابد منت ملزوم توادعني هناك وتراني متعمد اجيك هنا جيت اسألك توصي على شيء ياخوك ؟
سهم وهذه المواقف كثيره على قلبه المتصحر تماماً يشعر ان كل لحظة لطف من شخص يجهله غريبة عليه ودائماً يستكثر مثل هذه المواقف :سلامتك وتكفى لاتردني حقك أوصلك لو عند المطار
غالب ضرب كتفه بصلابته المعتادة : سبقتك لا تضغط نفسك ولا تجبرها واعتبر نفسك موصلني للجنوب مو المطار بس ليكمل ووده يستغل الوضع : ننتظرك أنا وسعيد لازم تخاوينا وترى مكاننا مافيه زحمة ولا ناس سعيد وحلاله وانا وحلالي
سهم واسم سعيد دائم يتكرر على مسعه لكن هذه المرة وصل وبغرابة ليسأل على الفور : اعرفه أنا ؟
غالب ببساطة : الظاهر عشت لك كم سنة بأرض ساري ؟ ماكنت اشوفك كثير اغلب طفولتي عشتها بديرة جدتي ام أمي الله يرحمها ماصادفتك أبد
سهم بتوجس قاطعه ليصدمه : سعيد اخو سالم العسكري ؟
هز الآخر رأسه لتنقلب ملامحه لينقلب شعور الإنبساط اللي كان متأكد انه مؤقت وانه مقدمة لشعور مر المرارة منه وفيه ويعرفها أكثر من أي شعور بالدنيا قبض بيده على المفاتيح وبهمس ثقيل جر معه لوعة قاسمته سنين طويلة من حياته : وانت جاي هنا بصفتك غالب أو سعيد ؟
غالب بعد ماشاهد الإنقلاب بالكامل ووصله الشعور : غالب سعيد مايعرف اني قاصدك وسعيد ماهو سعيد الأولي
ضحك سهم ضحكة ساخرة استخرجها من اشواك القهر لتخرج بمرارة لاذعة تشابهه هو : روح واعتبرني ماسمعت ولا فهمت اعتبرني كنت نايم وطولت بالنومة ومر اسم سعيد من بين الكوابيس اللي عايشة معي بغرفتي وماتفارق نومي ..
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
قصص عامة.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...