سهم ..
لفظ حزنه و تناهيده ، جرّها جرّ من جوفه الحار لفظها ونفاها للأرض اللي بللها المطر ، تلمّس وجهه أسفل عينه بالضبط تحسّس بقعة انهياراته اليوم ، رفع وجهه ودار بعيونه للزوايا الممطرة تسمّر أمام هذه العواصف ، كان يظن هذا الغرق من مطر عيونه لكن الهطل طالت مدته وتأكد ان السماء جادت واحتوت دمعته ، تلاحَم الهطل خف الشعور كثير ، تخلّص من عبراته وغصته العالقة ، تخلّص من مشاعره الجرداء ليجد نفسه اليوم يبكي بالفعل تحت المطر تحت رحمة الإله مطر السماء تساقط على قلبه واحتواه عطف ربي ، نوبة الهلع اللي داهمت قدومه لقرية ساري هاجمته وحاول يقاومها ركع على ركبتيه وبكى بصوت خافت يفتقد كفوف البتول وصوتها البعيد وهي تناديه سهم أمي موجودة أنا ، لكن الوحدة تبددت ورحمة الله غشت المكان وسكن خوفه عبر الطريق المظلم بعد ماوقف على جانبه بسيارته لف بعينه على أثر الصوت أرهف السمع !
نشيج أنثى تتخبط تحت حبات المطر بخطوات ثقيلة ، نور البرق عكس ملامحها المستجدية بكاء تائه يستنجد نور البرق يبقى معه ، يسير مع خطواته ويجتمع بالوجهه الصحيحة ، لمح وجهها الصغير وعيونها الباكية قدر يستوعب وسط هذا الزخم ، ذعره واختناقه ، خوفها ودموعها والجو الماطر ، كل هذا الزحام لم يغيّب عنه منظرها بالكامل ، مشى وهو بحاجة كف تنقذه مشى هذا الغريق وهو يجهل خطواته مشى على صوتها ودليل وجهته دموعها الحمية دقت أوتارها بداخله ، هذا وقتها هذا وقت ممكن ينقذ له شخص ، يمكن تكون حسنة بقاء حسنة عودة حسنة يجتمع فيها بأمانه ، يمكن هالقشة الغريقة تنقذه هو أيضاً قرّب وهو يماشي رغبات قلبه اللي فجأة رق وفجأة تخبط بسبب حزنها، قرّب وهي ورات عنه وجهها بغطاء مبلل
بصوت عالي ناداها سهم : ان شاء الله انك بخير وقلبك بخير ان شاء الله مالمسك أذى ومن أسبابه بكيتي ؟
غزل بصوت مبحوح راجف : خفت خفت طفى جوالي راح عني النور وضيعت الدرب
رق قلبه وبصورة تلقائية لانت نبرته : لاتخافي انتي بالدرب الصحيح
غزل : كنت ادور عليها وماعرف كيف ابعدت ، الجو بارد علي والظلام يخوفني بس لازم الاقيها هي بعد تخاف من الظلام وأصوات الرعد
سهم ارتعشت كفوفه بسبب هذيانها لأنه شبّه على النبرة مرت عليه مر عليه صوتها بمكان ما، حتى منظرها وهي تبكي مر عليه سابقاً نطق : طيب قولي انتي مين ومين اللي تدوري عليها ؟ مكانك قريب من هنا ؟
فجأة استوعبت انه سهم اللي تسبب لها بجروح عميقة وكدمات بقيت بجسدها لأشهر لكن هو أمانها الوحيد الآن تجاهلت خوفها الداخلي وقالت :غزل من بيت ضيف الله !
هذي ضحية نوباته !! ضحية دموعه المكبوته وصوته المتحجّر هذي اللي صارت تحت سيارته بعد ماقذفها وهو تحت تأثير صرخات روحه، رجف قلبه وضاعت منه الحروف ، مد لها جواله الثاني جوال أسراره وصوت قلبه فتح نور الكشاف وقال : امشي معي ولا تخافي قربنا من الطريق اللي يودينا للقرية
مشت معه وهو قلبه يضرب طبول الندم ، ويده تتراقص من إيقاع قلبه المضطرب وصلّها للقرية اللي تجثم على صدره لكن فيها أمانه وطهر الدنيا روحه الثانية ومتنفسه البتول
•بجهة غالب بعد ماصفق يدينه بخسارة ورجع من نفس الطريق بدونها ، مشى دنيا ثانية وعاش له حياة جديدة وبعيدة بدونها اليوم لمع أمل طفيف بقلبه تمنى لو يجتمع دربه ودربها ، حتى لو تفصلهم خطوات تمنى يلمحها ويكون سبب بإنقاذها ولكن ساري سبق خطواته وسبق دقات قلبه الخايفة عليها ، صموده المزيف ظهر ببراعة أمام الكل نطق بصوت مرهق وقف لساعات تحت المطر وتحت الهوا البارد برأس مكشوف : كلمت ساري وابشركم يقول بخير مثل ما توقعنا ما ابعدت
رمى كلامه على مسامعهم وانسحب للبيت المجاورماكان ينقصه غير خروجها يبدو انها تطفلت على مصيبتهم وقررت تشاركهم البحث ، البيت خالي منها كتم غضبه وخرج بخطوات نارية بين البيوت قدر يميّزها حتى وهي متغطية ميّزها كانت تمسح ظهرها وعبايتها تلطخت بالطين سارعت خطواتها له ، البتول قالت بلهفة : ماقدرت ماقدرت ابقى بمكاني واتفرج واسمع مابعدت كثير بس حاولت
قاعدة تبرر له خروجها وغيابها بعيونها اللي كانت تسابقها دائماً وتتكلم عنها ، مستغربة صمته وركوده مرر نظراته على الطين الملتصق فيها لتسبق استفهامه : زلقت ورى بيتكم ماقدرت اتوازن كل ماوقفت زلقت من جديد أكلت تراب لين قلت بس
قاطعها وعلى مبسمه ضحكة متردده : طين طين خلاص لامسه الماء صار طين
بعفوية قالت : مو مهم ، بيني وبينك طعمه حلو
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...