نفضت خجلها وهي تعدل شيلتها القطن : والله ان القلب ملهوف للكعبة اكثر من الحبايب اللي تقصدهم
استدركت وهي تكمل : قايد بعد الصلاة بيجي ياخذني
.وحل الظلام وأمطرت السما على أرض ساري صوت الرعد يضرب الجبال بهيبته وساري ورفيقه عتيق يتسامرون على نور البرق من الخيمة يراقبون همّال السما وهو يسقط زاد البرد وهتف عتيق بصوت صاخب : ياخوي خلنا نعود للبيت اخاف يجيهم شيء جابر عنده دوام لين الفجر
ساري وهو يعرف سبب قلقه قال : اسبقني للسياره
حمل عزبته وقفل عليها داخل السيارة وصار بجنب عتيق اللي مركز بالطريق وكل تفكيره صار عند هتاف خايف يتكرر موقف ليلة المطر ويفقدون السيطرة على الأمور مثل مافقدوها وغابت يوم كامل عن الأنظار ، صار يتعدى الأحجار القوية وساري متمسك وعاض على طرف غترته صرخ فيه :هد هد مايجيها شيء وأمك حولها
زاد المطر والرؤية صارت ضبابية وعتيق فقد السيطرة على أعصابه صرخ : ننزل ونكمل على رجولنا ؟ قربنا
ساري بنفس الصوت رد : لالا انت تعال بكمل عنك الطريق
استلم عنه القيادة وبسبب توتره الطريق طول كثير والمطر زاد والرؤية تلاشت
•اما غالب وقف عند باب مدخل البيت اللي يطل على الحوش ومزرعة عمته مد عينه للسما وشعره تبلل بالكامل خلفه البتول عليها روب صوف وتنتفض من البرد زادت انتفاضتها بعد ماخالط اصوات الرعد صوت صرخات أنثوية من خلف جدران بيت ضيف الله المجاور انتفض معها غالب وركض لمصدر الصوت
والله والله فتحت الباب حطيت الأكل ولا هقيت انها بتخرج غفلت عنها نص ساعة وانا اصلي دخلت لقيت الغرفة فاضية !
صفية تبكي وتنطق وتوصف لهم موقفها وتمارا متصلبه وغزل مثل حالها على الأقل هي عبرت بدموعها حسناء خرجت من عزلتها واستقبلتها تمارا بشراسة : وينك عنها ؟ وينك عن البلاوي اللي مغرقتنا نايمة بالعسل وماتحسين
حسناء اكتفت بالنظر لا تملك رد
اقتحم غالب البيت وتذكار ركضت له تبكي : الحق علينا ضاعت مرة ثانية خرجت من البيت وماحد درى عنها ولا حس
خرج يركض وعلى خروجه أظلمت الجدران واختفت أنوار البيوت انقطاع كهربائي مثل عادة الليالي الممطرة فتح نور الكشاف وصار يوجهه على الزواية والأزقة الضيقة بلا فائدة ضرب باب بيت عمه يوسف لم يخرج احد قايد خرج للرحلة مع امه منذ ساعة يا الله من الحيرة ومن انقطاع الحيلة ومن الهلع اللي يقاسيه قلبه الآن !انتهى الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر ..عتيق ..
توقع وصاب التوقع فقدها مرة أخرى ، ليلة مظلمة نور البرق صاخب يسقط على المباني الصغيرة بسطوته ويغيب ، صوت الرعد ينادي مفقودة عتيق وأصواتهم خلفه ، ومثل ليلة زفاف قايد انتشر نور الكشافات بقرية ساري خرج الأهالي وحتى النساء صوتهم ارتفع وغطى على أصوات الرجال بلا جدوى
ركض عتيق ورجله مقيّده ،ركض وقلبه الواهن يستجدي طاقة تجمعه بضالته بلا جدوى ، ركع وهو يلهث ثيابه غرقت بالماء ، تنفس بقوة وهو يحاول يتمالك المتبقي من طاقته صرخ بساري : ما ابعدت ما ابعدت قلبي يقولها مفعول المنوم يطول ياخذ له كم ساعة تكفى ياساري رجلي ماشالتني شيل اخوك تكفى
انتفض ساري من ضعف أخوه اللي تسرب لجسده بالكامل ، زادت انتفاضته بعد ماهوى على الأرض والسبب قلبه ، الوهن نصفه تربع فيه هجرت النظر لعينه من أسابيع هجرت الكلام واللهفة غادرت حيطان غرفتهم صارت خواء همسها المتشفق عليه رحلّته بإرادة الهجر ولمعة الإشتياق اللي تبثها من خلال نظراتها صارت بلا وهج غادر نورها ، كلها كانت ثقيلة على قلبه لكن اليوم غير وكأنها تركته وغادرت حياته بالكامل قررت الرحيل لكن بدون وعيها حتى باللاوعي تركته وتخلت مرارة جارحة تسلقت حنجرته ، لهث وهو متسمر على الأرض لهث وكأنه ركض ليلة بلا إنتهاء ، لهث وشهق رحيلها بصورة مدمية للجدران المتصلّبة الوحيدة الحاضرة لحظة إنهياره، رفع نفسه حاول حاول يتماسك رجع وإرتطم بالأرض وهذي كانت آخر محاولاته ساري رجع على صوت الإرتطام صرخ فيه : لاترخي نفسك لا تسلمها للهوان ارفعها وشدها واحتزم بي ابشر بي والله ما تنام الليلة إلا وهي بجناحك مير اصبر اصبر ياخوك !
.
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...