رهاف وعلى يمينها عربة طفل ميّزها بسهولة مستحيل ينسى نظرات عيونها مستحيل ينسى ضعفها الغريب اللي يستحثه يتقدم بدون لا يشاور عقله يتقدم بقلبه فقط
رهاف !
تقدمت وهي تعبث بأطراف كمها وبعيونها كلام كثير ، لكن عجزت تنطق ،
الحقيقة ثقيلة وهي تدرك أنه معها بكل جوارحه ، تدرك حقيقته وصدقه وصدق رجولته ونواياه، بينما هي مجرد كذبة مرت بحياته مثل حلم لكن حلم تعلق فيه بكل جوارحه الصادقة !
قالت : قطعت مسافة طويلة لأن بفمي حقايق لكن قبل أقولها ودي تسمعني مثل ماسمعتني بكل مرة وصدقتني
بكت أمان وتبعثرت هي لفت لها ولفت له وهو عينه على أدق تحركاتها هتف : قولي أسمع
رهاف : ساري أنت كنت شيء مو عادي مشيت له برجلي وآمنت أنك أنت الشخص الفارق بحياتي لكن يوم تأكدت وتيقنت ، تيقنت أنك كثير كثير وأنا ما أستحق شخص مثلك صادق بكل خطوة
جلست وصارت مثل المذنب اللي داهموه بجرمه وماقدر يهرب : كل شي صار كان متفق عليه !
عقد يدينه وريقه جف لكن صمت ومانطق ولا إرتفع صوته : أمي يوم شكيتها حمد قالت مامنه مفر لكن فجأة تبدلت أقوالها يوم دخلت شريفة بالوسط !
بدون شعور نطق : شريفة !!
رهاف : شريفة تهدد أمي وأنا صرت بالوسط كبش فدا لكل شيء ، الليلة اللي جيتك فيها شريفة دلتني عليك ونفذت كل شيء قالته بالحرف
صمتت وهي تبلع حديثها رفعت نفسها وقالت : ماقدر أكمل ، أدري بتشوفني رخيصة وبتستحقرني لكن أنقذت شخص وخسرت نفسي أنا
من الشخص ؟
هزت رأسها برفض وسال الدمع رفضت تتعمق بالحقايق : أنت كنت لي أمان بعز خوفي أنت كنت حقيقة لمستها وعشتها فترة ماكانت طويلة بس الأشياء اللي تلامسنا ولو لحظاتها صغيرة تبقى حلاوتها وماتروح
أشارت لطفلتها : سميتها أمان ، يوم جيتك وهي مغموره ببطني كانت هي اللي تطبطب علي وتقول كل شيء بيصير بخير مسحت دمعها وأكملت :مافات علي شيء شفتك من ورى الأسوار وأنت تحميني من بعيد من أصواتهم ومن نظراتهم ومن الخوف اللي تعود علي وعشت معه كل سنيني كنت أنت الأمان مثلها بالضبط
ساري وهو يتراعد من الداخل بينما شكله يناقص كل العواصف اللي جردته من مشاعره الآن وصار مثل غصن يابس يقاوم يقاوم فقط لاحظت ثباته وحمدت الله أنه قدر يستوعب مسكت العربة وقالت : أنا تزوجت شخص ما أعرف إلا إسمه، كذبت عليهم قلت بروح الجامعة وأخلص لي كم شغلة هناك ولقيتني هنا أعترف لك بكل شيء
ساري لازال صامت : كنت متحسف وأنتي جيتي وجيتش هذي محت كل الحسايف ، كنت متندم وجيتش خذت الباقي من الندم ، كنت واثق أني متجمل أثر الجمايل كانت بصوب وقصتنا بصوب
قاطعته : لا يتغير شعورك تكفى لا يتغير شيء خلني أبقى على ذيك الهقاوي ، أنا بريئة بريئة لا تتندم على فزعاتك ، لا تتحسف على مدّاتك ، كنت تداريني وأنا عن عينك بعيدة ، يفصلنا حارس وسور ويفصلنا عرف وشور ، لكن اللي بالقلب قريب قريب أقرب من حبل الوريد ، ايه أنا ماحبيتك ولا سكن ضلعي شعور لكن الأمان يكفي يكفي ياساريشد أصابعه بقهر ما سكن ضلعها وضلوعه فرشها مدها لخوفها ولوحدتها ، وكفوفه بسطها لدموعها ، وعيونه كانت تتلحف السهر وهو قريب من أسوارها ، يحس أنه بخير دام ماعليها شر كل شيء صار بدافع حبه وبدافع نبضه اللي سخى به قلبه ، وهي ببساطة جمعت الجمايل وردتها بوجهه ردتها بحقيقة مخزية توجع منها قلبه ، بعثرت ضلوعه ضلع ضلع ، عثت بمدهال الكريم المحب تركت بابه مكسور وخرجت منه بأمان لها ولروحها أما هو معبر أمان والسلام !
إبتسم لها إبتسامة صريحة وقال : ماعاد فيها شعور ولا عاد فيها نظرة ، يقولون كلمة الرجال مايثنيها لكن بثني أقوالي وأقول ماني متندم على مدة كريمة وعلى خطوة كانت عزيزة لأني ثمنت فيها قلبي وأعطيته فرصة ماهي فرصة أكثر من فرصة يقولون كل دقة بتعليمة وصل الدرس يا أم أمان وصل وصل
خرج وهي مبتسمة برضا عرف أنها بريئة وعرف أنها مستحيل ترد الجميل وعرف أن قلبها خالي منه ومستحيل ترد له لو القليل ، مصيره يتشافى منها مصيره للأيام ومصيرها مع مانع للتو تنفتح أبوابه .
.وصل ساري شقة تمارا
فتح باب الشقة وكشر من صوت الموسيقى الطاغي نزل الأكياس على الأرض ورفع صوته : ياولد
لوهلة داهمه الشك دخل شقة ثانية وغلط بالعنوان لكن المفاتيح اللي بيده ؟ تأفف ومشى وهو يدورهم بنظراته لا أثر
فجأة إختفى الصوت خرجت حرير ببجامة وبشعر مرفوع
: ماجد طولت !
لكن شخص ثاني غير ماجد هيئة تعرفها وحفظتها عن ظهر قلب ، تصنمت بمكانها ونسيت موقفها وشكلها نسيت كل شيء واستمر الصمت بين الاثنين هو متبعثر من الغرابة اللي تلاحقه وكل موقف يجمعه برهاف تكون حرير بعده حاضره ! شاهدها بأكثر من صوره لكن من قرب كانت غير،
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...