لهجته اختلفت ونبرته لانت وهذه التناقضات تتلف أعصابها وكثير لم تفهم مغزى حديثه ولم تكلف نفسها بالسؤال لكن نطق بإصرار : اتركي لعمتي مساحة تدخل منها لاتنكمشين ببرودة الغرفة وعمتي تحت ياكلها الهم على صحتش
لمعت عيونها وهي متندمه من اختفائها اليوم :
ننزل وتشوف بعيونها ، مافيني حاجة أنا بخير لا تخنقوني
لبست لبس ثقيل لأن الجو بارد الليلة، جالس على الدرجات ينتظرها اليوم تلبسته ليونتها ! فز ونفض ثوبه وهي نزلت خلفه لكن اخفت الدهشة بعد ماشعرت بدفا طفيف كانت يده الثقيلة بعد ماحاوط كتفها وام قايد تهلل قلبها لمنظرهم ابتسمت ابتسامة طفيفة ماهانت عليها السعادة اللي ظهرت على ملامح ام قايد وغالب نفض تأنيب قلبه ومن بعد دموعها ماقدر يخرج من باب غرفتهم إلا وهو متقدم لها خطوة ولو كانت طفيفة المهم يقنع ضميره ..
•عتيق استنفذ محاولاته وماكان عنده حل غير المنومات ، يصبح على عيونها وهي غافية ويمسيها وهي غافية ، اليوم رحمها وتركها بدون المنوم لكن على غير العادة راكدة تراقبه بنظرات محايدة سورة البقرة بجنب السرير طوال اليوم يصدح صوتها بالغرفة ..
رفع غرتها الملتصقة بخدها وطرف جبينها وهتف بصوت خافت : هتاف وش حالش اليوم ؟ هتاف عتيق أنا طالبش قولي ميزت صوتك و استوعبته قولي أي شيء يريح خاطري
لارد
التصق وجهه بوجهها ، ورموشه لامست جزء من خصلاتها ،، لم تحرك ساكن وهو زفر ووضعها الحالي لا يحتمل .. ابتعد بغصته عنها رفع اللحاف وغطاها لم تميز شيء بعد ووعيها الآن بمكان ثاني بعيد جداً نظراتها غير مستقرة وصوتها اختفى مع لهفتها المختفية وكثير أشياء تلاشت وابتعادها هذا خلّف بصدر عتيق خدوش جديدة تمنى ترجع الآن وتناديه وينطق فمه حروف اسمها تمنى ترجع لمستها واستفهاماتها الحنونة
بك شيء ؟
اليوم مصدع ولا أنا اتوهم؟
مشتهي قهوتك اليوم خفيفة ولا مثل العادة؟خرج ليصادف جابر وهو يضحك بطريقة بلهاء جلس مقابله بعد ماخطف نوره الصغيرة من حضنه : ضحكني معك وش تضحك عليه؟
تذكار جلست بالقرب منهم : يعني ماعنده شيء ثاني غير زوجته يضحك عليها وهي تمشي
عتيق ابتسم بعد ما انحرج جابر ليرد : اقول وش فطوركم اخلصو علينا
تذكار قاطعته : مسوي متلهف على سفرتنا وانت من يوم صمنا تاكل ببيتك ولا نشوفك
حشرته بزاوية وضحك وبالفعل صار يحبذ أكل حسناء لمساتها في الطبخ لا تقاوم قام من مكانه وقال بتلاعب : اي والله وش جابني عند أكلكم؟
غمز لعتيق وقال : وانتي اشوفش هنا ماحد عزمش العرب افطرو في بيت عمتي رواية وانتي خلي الرقاد ينفعش
فزت من مكانها مثل الصاروخ وهم يضحكون من صوت صرختها الغريبة : و لا يعزموني طيب طيب ركضت للغرفة وخرجت ملتفة بعبايتها زاد ضحكهم أكثر وهي تركض بحضنها بنتها وخلفها الصغار صرخت : ابراهيم امسك يد اختك والحقني
عتيق وبالرغم من تحسسه من قرب غالب لكن وضعه الآن لايسمح بالنزاع ، ماعنده طاقة للخصام وهتاف مسلوبة عافيتها ومسلوب إدراكها وهو بالوسط ضايع ومتشتتوجود تذكار بالبيت خفف عنهم الكثير تضحك وتركض خلف صغارها وصوتها العالي ضاف لبيتهم حياة ، يستأنس بوجودها بالوقت الحالي تمنى لو طاوع هتاف سابقاً وصار بينهم أطفال بتر صوت أمنياته الداخلي وهو يغير مكانه وينسحب لعزبة ساري يمكن يستنشق هوا خالي من أصواته الداخلية اللي كلها تصرخ فيه وتأنبه لف عصبته وحمل مفاتيحه وكتاب من كتبه وتوجه لتوأمه ساري .
•جابر بخطواته للمطبخ وهو يتبع أثر رائحة لمساتها المتفردة بالطبخ ، تسنّد على الباب بشكل مايل وراقب خطواتها القصيرة المبهجة له تتفقد قدورها وتوزع هنا وهناك بدون ملل وهو على حاله من بداية رمضان يوقف مثل هذه الوقفة يراقب أصغر تحركاتها ربطتها الحريرية وملابس البيت اللي صار يحفظ شكلها عن ظهر قلب هي تنعد على أصابع يده من قلتها ، لكن كل يوم يكتشف فيها شي والأهم نقاوتها ونظراتها الحنونة اللي توزعها على صغارها وبدون قصد ينال منها النصيب بلحظات غير متوقعة مدّت له السفرة وهي تقول ومستغربة من سرحانه : مدها قبل يأذن وقوم ماجد على طريقك
مسك السفرة واستدرك الشيء اللي كان جايها عشانه : ايه تذكرت ثيابي قبل التراويح ارجع من جلسة الدكة وهي جاهزة ومكوية
فجأة تلخبط لونها وهو التقط شحوبها : وش جاش ؟ كل ماقلت اكوي الثياب انقلب لونش ! ماقلت اكوي يدينش !
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...