ضحك هزاع : المدرسة بعيدة ساعتين ونص ، نطلع لها قبل الفجر وسلافة والبنات اللي معها أنا اللي أوصلهم ، سكنت هنا أسهل لي ولهم ، نطلع مع بعض للدوام ونرجع مع بعض
أكمل هزاع بشك : بك شيء ياولد خوفتني والجرح اللي بجبهتك وش قصته ؟
أديب يخفي قهره : جرح عادي لا تشغل نفسك فيه بطلع أتمشى وأنت وش جابك ماتقول أن أمك مريضة ؟
هزاع بسرعة : لأن بكرة دوام
أديب حانت فرصته : أنا أقول عود لأمك والبنات أنا بوصلهم لمدرستهم وبمسك دوامك لين تتطمن على أمك
هزاع براحة : أمسك مفتاح الجيب ولا تخاف من الضيق ، البنات وسيعات صدر ، وترى ام حسين الدلاله بتوقف لك عند الدكان تحب تترزق في القرية وفي المدرسة خذها معك ركبها قدام والله يعينك على المغثه من الحين
أديب بمزاج سيء لم يرد سمع تعليمات هزاع وخرج من البيت ..قبل الفجر
خرج متلثم بشماغه خايف ينكشف ، فضّل يغطي وجهه ، المهم يوصل لنصف الخيط من حكايتها وكيف تمردت على حياته وإقتحمتها بهذه الطريقة
ام حسين تثرثر من الصبح وهي مستنكره صمته متعودة على هزاع صدره وسيع وياخذ ويعطي معها وصل لبيت كبير وأنيق أكبر بيت في القرية بعد البيت اللي بأطرافها كان لشخص يسمونه حسام لم يتعمق بعد في إستكشاف القرية لكن ام حسين نطقت : بيت خضير بيت الفلس من يوم قفّى عن الدنيا وعلوم بناته علوم ، جدتهم تسوقهم للردى سوق ، الكل يدري عن ردى فعايلهم لكن اللي يفتح فمه سلافه تقطع له لسانه ..
بسرعة التفت يبدو أن لها سوابق غير السرقة خرجت من البيت ومثل ماوصفتها ام حسين لها هيبة حتى وهي متلحفه بسواد عبايتها، عيونها الحادة وصلت له نظراتها الثابثة الواثقة اللي فيها من القوة مايشد الإنتباه ومايصيبك بالذهول لأن أديب دهشته ظهرت على نظراته من أول نظرة رمقته فيها وكأنها سهم حاد أصابت قلبه !
سلافة : أمش ماحد غيري اليوم مداوم صبحك بالخير يا ام حسين
هلا ردتها بصوت بارد ام حسين وسلافة ما اهتمت
وصل للبيوت اللي وصفها له هزاع بيت بيت وخرج من القرية سمع صوتها الواثق من جديد : هلا ايه ايه قلت كل شيء بينتهي أيام ونلتقي بس اللي عندي قلته لا تكثر حكي ..
شد يده وهو يسوق وام حسين قالت بصوت بان فيه الانشراح : هذا بيت حسام راعي الخير واليدين البيضا ، يوزع الارزاق كل جمعة على الناس ويوم عرف أني أبيع كل يومين يرسل لي فلوس للبضاعة يعاوني الله يخلف عليه
إبتسمت سلافة بسخرية من تحت النقابوصل صوت واحدة من البنات كان ضعيف وأديب سمعه قوي يقدر يميز حتى الهمس
: سلافة أبوي رفض يعطيني مصروف معك سلف أدري طفشتي مني كل يوم أطلبك
سلافة بنفس الهمس : يوم ننزل بحطها بجيب شنطتك ولا تهتمين جيبنا واحد
تتصدق بقروش مسروقة قالها بينه وبين نفسه وهو يضحك بسخرية ..
.
.
سهم
قلب غرفته وهو يدور جهازه الثاني ، جهاز أسرار قلبه وجعبته الفصيحة ، ضاع منه شيء متعلق بالماضي وحتى لو كان مر هو جزء منه وأسرار تعني له الكثير ..
إقتحمت البتول غرفته وهو بسرعة ارتبك وقبل تتراجع وتخرج نطق : تعالي تعالي ماعرفتك وأنتي تستحين
ضحكت وهو نطق : قلبت الدنيا وأنا أدور جوالي القديم ومالقيته
البتول وهي تغمز له : فيه أسرار القلب والحب اللي مو راضي تعترف فيه ضربت كتفه وهي تضحك :كشفتك شفت كل حاجة من عيونك اللي كانت تلمع ليلة المطر !
توتر من مداهمتها لكن قال بذبول : احنا اللي يقرب منا يذبل ويحترق ، المحبة ماتليق على قلوبنا
عقدت أصابعها وحركت فمها : بس حبيتني
جلس على طرف السرير : أنتي إستثناء ، أول مرة أحس بشيء داخلي ، شعور الإنتماء اللي كنت ماعرف إلا إسمه بالكتب وعرفت حجم حب الأخت وعرفت المعنى الحرفي لقطعة منك ، يعني لو تذوبين ذبت ، لو تذبلين ذبلت ، لو تحترقين أنا أول من يحترق عرفتي معنى إستثناء؟
إنتفضت وتقوس فمها كلامه مافرحها ، إنقبض قلبها منه : سهم الغرابة اللي فيك صايرة تخوفني
رفع رأسه لها : لاتخافين ياحبيبة سهم واوعديني
قاطعته بعين تلمع : وعد وعد قبل أعرف مبتغاك ومطلبك بس وعد
ضحك : أضحكي دايم لايذبل لك غصن ، ولا تبكين أحفظي دموعك الثمينة للمواقف اللي تستاهل
ضحك أكثر وهو يشاهد دموعها لينطق : يابكاية
ضمت يدينه وجلست على الأرض مقابله وهو قال بمرح حاول يخفي فيه غصته : روحي روحي عوضي الناقص من شهر العسل وأتركيني أدور ذكرياتي
كشرت : من يوم جا وهو مبلط عند ماما وبابا ختم الأفلام والمسرحيات معهم وأنا زي العادة رجل طاولة بس مبسوطة
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...